أبرز اختلالات القيادة التربوية والحوكمة التعليمية في موريتانيا/د.محمد عبدالله بين

خميس, 11/12/2025 - 11:27

بنشاب : تعتبر القيادة التربوية والحوكمة التعليمية من الركائز الأساسية لضمان جودة التعليم ونجاح السياسات التربوية، إلا أن السياق التعليمي في موريتانيا يشهد مجموعة من الاختلالات التي تؤثر على فعالية هذه القيادة وتضعف النظام التعليمي ككل.

1. ضعف التخطيط الاستراتيجي

من أبرز الاختلالات غياب التخطيط المستدام والشامل على مستوى المؤسسات التعليمية، حيث غالبًا ما تركز القرارات على حلول مؤقتة، دون استشراف مستقبل التعليم ومتطلباته.

ويُعد ضعف قدرات التوقع لدى القادة في الإدارة التعليمية أحد الأسباب الجوهرية لهذا الضعف، إذ يؤدي افتقار القادة إلى الرؤية المستقبلية والقدرة على استشراف الاحتياجات التعليمية والتحديات القادمة إلى اتخاذ قرارات قصيرة المدى وارتجالية، ما يضعف استثمار الموارد ويؤخر تطوير البرامج التعليمية.

2. نقص الكفاءة القيادية

تظهر تحديات كبيرة في الكفاءات القيادية للإدارة المدرسية والإشراف التربوي، سواء على مستوى المدارس أو الإدارات الجهوية، حيث يلاحظ افتقار بعض القادة للمهارات اللازمة لإدارة الفرق، وتحفيز المعلمين، وضمان متابعة الأداء.

3. ضعف الشفافية والمساءلة

تظل غياب آليات فعالة للرقابة والمساءلة أحد أبرز العوامل التي تؤثر على الحوكمة التعليمية، مما يسمح أحيانًا بالارتجالية في توزيع الموارد، أو التأخر في تنفيذ البرامج التعليمية، أو ضعف الرقابة على جودة التعليم.

4. تركيز السلطة والبيروقراطية

يشكو النظام التربوي في موريتانيا من تركّز السلطة في مستويات عليا وضعف تفويض الصلاحيات للقادة المحليين، مما يعيق سرعة اتخاذ القرار ويحد من قدرة المدارس على التكيف مع الاحتياجات المحلية والتحديات الفعلية للمتعلمين.

5. ضعف مشاركة المجتمع المدني

على الرغم من أهمية الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني، إلا أن مستوى المشاركة المجتمعية في اتخاذ القرارات التربوية منخفض، ما يحد من تعزيز المحاسبة والمساهمة في تطوير السياسات التعليمية وفق حاجات الواقع.

التوصيات

لمعالجة هذه الاختلالات، يمكن اعتماد عدة خطوات:

1. تطوير قدرات القادة التربويين من خلال برامج تكوينية مستمرة تركز على القيادة الفعالة، وإدارة الموارد، وتحفيز فرق العمل، وخصوصًا تعزيز قدرات التوقع والتخطيط الاستراتيجي.

2. تعزيز الشفافية والمساءلة عبر وضع مؤشرات أداء واضحة ومتابعة دورية للمدارس والإدارات.

3. تفويض الصلاحيات للمدارس والمستويات المحلية لتمكينها من اتخاذ قرارات سريعة ومرنة.

4. تشجيع مشاركة المجتمع المدني وأولياء الأمور لضمان ملاءمة السياسات التعليمية مع الواقع المحلي.

5. إرساء التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد القائم على بيانات دقيقة وحاجات متجددة.

إن تحسين القيادة التربوية والحوكمة التعليمية في موريتانيا ليس خيارًا بل ضرورة لضمان جودة التعليم ونجاح السياسات التربوية. ويقتضي ذلك تطوير الكفاءات، تعزيز قدرات التوقع والتخطيط، الشفافية، مشاركة المجتمع، والتخطيط المستدام، حتى تتمكن المدارس والمؤسسات التعليمية من أداء دورها الفعّال في إعداد أجيال المستقبل.