بنشاب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
قانون "النوع" وأثره الرجعي
من المسلم به، أنه لا أحد من خلق الله أعلم بمصالح المخلوق من الخالق سبحانه وتعالى، ولا أرحم به ولا أعدل في حقه، وقد شرع الله لنا شرعة ومنهاجا، ختم بها جميع الشرائع السماوية، بينها وفصلها رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يترك الملولى عز وجل - رحمة منه - في بعضها مجالا للتأريل ولا الترجيح وأغلب ذلك ذلك بخصوص المرأة، وبين مكانة الموأة ومكانة الرجل، كل بخلقته الفيزيولوجية والبيولوجية المميزة لكل منهما، ومن رام شرع بنية صادقة وقراءة موضوعية، وجد أنه أعطى للمرأة من العلو والسمو والتقدير، مالم يوفره لها البشر في جميع دساتيره، وأنه مكن لها في الميراث من الفروض المنصوص عليها مالم يوفر للرجل، حيث حددت فروضها بنسبة تجاوزت 75% مقارنة بالرجل ( 16 فرضا للنساء مقابل 4 فروض للرجال من أصل 20 فرضا محددة).
وهذه المحاولات القائمة الآن بشأن قانون " النوع" وهذه هي تسميته الحقيقية التي تستبطن التمييز العنصري في الكائن البشري، أو ما سماه البعض قانون "الكرامة" استعطافا ودغدغة للمشاعر، مجرد أنماط من محاولات تفكيك البناء الأسري، على غرار المجتمع الغربيالذي بينت الإحصائيات فيه أن ما يقارب 50% لا أبوة له، ولا أصول شرعية لوجوده، أي زنماء لا يعرف لهم نسب، نتيجة الانحلال الخلقي والتسيب الاجتماعي، وهذا سر رغبته في نشر هذا السلوك المخالف لشرعنا وقيمنا عبر وسائطه وعملائه، ومستعد لدفع المال والدعم في ذلك السبيل، فلا نستغرب أن نرى المندوب الأمريكي المكلف بمنطقة الساحل، يُسائٍل وبإلحاح، وزير العدل الموريتاني ولد بيَّه عن أسباب تأخر إقرار قانون " النوع"، في الوقت الذي نرى فيه هذا الوزير منهمكا في ورشات عمل - ليله بنهاره - في محاول تمرير هذا القانون كسبا لود الغرب ووتلطفا لترسيم الدعم المادي المقدم، رغم استهجان هذا القانون من جميع العلماء وعامة الناس، إلا من استرضي في الكواليس، ومن سيُسْتَرضى لاحقا على طريقة الفتوى المدفوعة الثمن.
وجدير بالذكر، أن هذا القانون - خلافا لما يردده البعض - قد تم رفضه في فترة حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز لما قدِّم ولم يعد موضوع نقاش ولا جدل.
ولعل إصرار بعض الجمعيات الحقوقية على إقراره، ممن لا يعرف للشرع أثارة علم، ولا للأصول والعادات احتراما وتقديسا، وهو إذ يفعل ذلك، إنما يفعله من باب مروقه أصلا على الشرع، والتزامه الأعمى بأماني ورغبات جمعيات حقوقية غربية، تستند شرعيتها من توصيات الأمم المتحدة المتعلقة بالمرأة والفتاة ونستثني تلك المتعلقة بالطفل لما لها من فوائد مستمدة في جوهرها من تعاليمنا الدينية السابقة على سن هذه القوانين في الأمم المتحدة.
قد نتساءل -وحق لنا أن نتساءل - لنلذا هذه المعاني والمضامين الملزمة للتفريق بين المرأة والفتاة، ضمن سياق يحرر الفتاة من الضوابط الشرعية التي تحفظ لها كرامتها وحقوقها، وكأن المرأة شيء والفتاة شيء آخر؟
ثم ما سنجنيه لاحقا من تبعات هذا القانون، هو ادّعاء الموظفات أو المأجورات كنمط من البزنس والمضايقات للرجال، وستكون نمطا جديدا للإضرار بالبعض وتصفية للحسابات مع البعض.
والأخطر من هذا كله، هو ما ورد في المادة 55 الأخيرة، حيث أن إقرار الوثيقة يلغي جميع القوانين والدساتير السابقة عليها، وهذه خطوة خبيثة بموجبها تلغى الشرائع السابقة بقوة القانون، كخطوة تمهيدية للتساوي في الإرث ولخلع القوامة، وتشجيعا لولوج أوكار الغرائز والرعونات الحيوانية وترسيم جوانب الفساد والانحطاط في الحضارة الغربية وتصديرها كثقافة سائدة للمجتمعات الشرقية ذات البناء الأسري القويم.
وخلاصة القول، إن قانون النوع، أو أيا كانت تسميته، يهدف بالأساس، إلى نسف ثلاثة مرتكزت: الهُوية، والدين، والنسيج الاجتماعي، ويحاول جعل المرأة كائنا بشريا معزولا عن محيطه، وعن علاقته بالمجتمع والدين، وفرضه على ثقافة وافدة، لا تتلاءم مع ثقافته وأصالته، وغير متسقة ولا منسجمة مع بنائه، وهنا يكون الضياع، فبإقرار هذا القانون، نكون قد أغضبنا الله، ولم نرض المرأة ولا المجتمع، لكننا بالمقابل، حققنا للغرب بعض مآربه وارتمينا في أحضانه إيذانا برضوخ لماهو أدهى وأمر، لكن سنحصل على دريهمات لا تسمعن ولا تغني، ونكون في أعراضنا وأنفسنا من الزاهدين.
الأستاذ / أحمدّو شاش