بنشاب: من المفارقات العجيبـة فى هذ البلد (موريتـانيا)، ان 80% تقريباً مِن مَن يتهمُـون الآن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيـز بالفسّاد والسرقة، ويتشفُـون فى توقيفه ويتهكمُون، ويُرددُون "كما تُديـن تدان" ويحاضرون يوميًا عن الأخـلاق وخطورة الفسّاد، معظمهم يُحسب على مُفسدين انهكوا هذ البلد إقتصادياً وسياسياً وأخلاقيًا ويعرفهم الجميـع .. رجال أعمال أتهموا سابقًا بالتحايل والتهرب الضريبي، أو مسؤولين حكوميين سابقين سبق وان شملتهم قضايا فسّـاد، أو سيّاسيين يعملون الأجندات خارجيـة .. فى موريتـانيا المفسد عديم الأخلاق، تُطلق على من حارب الفسّـاد وخسر علاقاته وتحالفاته السياسيـة والإجتماعيـة والقبليـة من أجل المصلحة العامّـة .. والمصلح الهادئ ذُو الأخلاق العاليـة (عهد الأخلاق)، تطلق على من انتقم للمفسدين، وأعاد لهم الثقـة ورد لهم الإعتبـار، وأعطى فرص جديدة لمفسدين جُدَدْ لأخذ نصيبهم من كعكة الوطن
لا أقول ولا يمكنني القول إطلاقاً أن فتـرة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيـز كانت خالية من الفسّاد، ولكن الرجل حاول رغم صعُوبة المهمة وتجذر الفسّاد وخطورة محاربته، حاول ان يحاربه بصرامة ونجح فى محاربة بعضه وفشل فى محاربة البعض الآخـر، وإستهدافه شخصياً دون غيـره من رموز وركائـز العشـرية مجرد نوع من الإنتقام .. الفسّاد فى موريتـاني معضلة أزلية يصعب التغلب عليها بسبب القبلية والجهويـة والمصالح الشخصية الضيقة، ولكل نظام فساده ومُفسديه، معاوية ولد الطائع كان معه مفسدين، و ولد عبد العزيـز كان معه مفسدين، ولكن هذ النظام الحالي كان اكثرهم فسَادً فجمع جميـع المفسدين السابقين، والحاليين، وابناء المفسدين، وترك ثروات البلد بين ايديهم (وديعة الرئه للقط)، واطلقوا على تلك الصفقة (الإجماع الوطني)، والغريب فى الأمر ان من كان الشعب الموريتاني يصفهم سابقاً بالمعارضة ويعلق عليهم الآمال، اصبحوا اليـوم يصطفُون مع من كانوا بالأمس يُوصفُون بالمفسدين، يتبادلون الزيارات، والمصالح، والوظائف، ونسوا أو تناسوا : أرتفاع الأسعار، تدهور الأمن، البطالة، صفقات التراضي، تسيير صندوق كورونا، تقارير محكمة الحاسبات، ونهب الثروات