بنشاب : ما ذا دهى وطننا العزيز الغالي؟ أجننا؟ أم أصبحنا لؤماء إلى حد مخجل ومزلزل؟
لما ذا نقلب المجن بين عشية وضحاها لبطل وطني أنقذنا هو وصحبه من درك التيه، وحررونا من القهر والهدر، وحموا بلادنا من الإرهاب، وبنوها ورفعوا شأنها شامخة الرأس بين الأمم.. ثم تركنا في يد أمينة وودعنا بسلام.. ولا يريد منا جزاء ولا شكورا؟
لماذا نلقي الحبل على الغارب لـ”أنصارنا الجدد” ليفتروا على الله الكذب في رجل شهم، فيقولوا فيه ما لم يقل مالك في الخمر؛ وهم إما مَن كانوا يناصبونه العداء منذ أن جاء إلى السلطة وأعلن ولاءه للشعب والوطن؛ مهددا بذلك مصالحهم وملغيا بعض امتيازاتهم غير المشروعة. أو أولئك الذين كانوا يتزلفون له ويتملقونه خوفا وطمعا ويطلبون بإلحاح شديد ترشحه لمأمورية ثالثة ورابعة… حتى إن بعضهم ذهب به الغلو في الزيغ إلى الدعوة لتتويجه ملكا على البلاد… والسفيه إذا لم ينه فهو مأمور؟
لما ذا نجند العسس والجواسيس لمتابعة رئيسنا السابق المسالم المأمون المحبوب، ونعطي ظهورنا لأعدائنا الحقيقيين فنتركهم يسرحون ويمرحون دون رقيب أو حسيب؟
وباء كورونا في البيوت والشوارع و”وضعيتنا أسوأ من جيراننا” كما وضح الصحفي والخبير البخاري محمد مؤمل… والقاعدة وداعش على الأبواب! والشرائحية الهدامة المنظمة والممولة والموجهة من طرف الموساد تنخر جسم المجتمع والدولة وتبشر بالحرب الأهلية؛ ناهيك عن حبائل ومكر المفسدين والمتزمتين!
وفي وضع كهذا، فهل من العدل والعقل أن تُجند الدولة والمجتمع في “تحقيق” عن “فساد” ولد عبد العزيز المزعوم، إلا إذا كان “وراء الأكمة ما وراءها” أو إذا كنا قررنا النكوص ووضعنا على رأس أولوياتنا “محاربة” محاربة الفساد، لا قدر الله؟
… تحركَ بعضُ النواب في اتجاه خاطئ، وبأسلوب استفزازي تنقصه الحكمة والجدية والدقة والحياد والمهنية والحصافة، ويخالف جميع القوانين المعمول بها؛ ويوحي بتبييت نية استهداف الرئيس السابق، ومن ورائه كل أركان الدولة؛ بمن فيهم رئيس الجمهورية نفسه. وذلك بغية تصفية حسابات سياسية واقتصادية مع عهد عشرية الإصلاح والبناء، عن طريق تسميم الأجواء والعقول، وبث الشائعات، واستغلال شرعية البرلمان، ومشروعية محاربة الفساد (شهادة وزير سابق “ما شاف شي حاجة” تلفيق على موظف في سفارة أجنبية احتج وندد ونفى، دعوى لا برهان عليها بمنح جزيرة لأمير، وعشرة ملايين دولار دخلت خزينة الدولة! و”المساس بالحوزة الترابية”… وتشكيل “محكمة العدل السامية” وترميم سجن ولاتة ومحاكمة الرئيس محمد ولد عبد العزيز بتهمة الخيانة العظمى وسجنه.. حتى إن بعضهم حدد تواريخ لذلك كله، وكأننا نعيش في غابة يحكمها قراصنة أهوسهم الحقد الأسود والرغبة الجامحة في الانتقام الأعمى من الصالحين!)
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا ** أبشر بطول سلامة يا مربع!
إنها إذن لفتنة شنيعة مبيتة هدفها غير المعلن هو تخريب الوطن وبث التفرقة والإحباط والفشل في الشعب، والإطاحة بالإصلاح والتعهدات، وبفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وأركان عهده قبل أي شيء آخر! وهذا ما يجعل واردا جدا التمثل بأبيات نصر بن سيار، وطرح السؤال الذي طرحه:
أرى خَلل الرماد وميض نــار ** ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعـــــودين تـــذكى ** وإن الحـــــــرب أولها كلام
وإن لم يطفها عقــــــــلاء قوم ** يكون وقـــــودَها جثث وهام
فقلت من التعجب: ليت شعري ** أأيقاظ أمـــــــية أم نـــــــيام
فإن يقظت فذاك بقاء مــــــلك ** وإن نامـــــت فـــإني لا ألام.
رسالة عاجلة إلى الرئيسين الرمزين:
فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني،
فخامة رئيس الجمهورية السابق محمد ولد عبد العزيز،
نحن آسفون جدا، ومستاؤون ومحبطون لهول وخطورة الدرك الذي انحدرنا إليه هذه الأيام، بينما كنا نرجو ونطمح أن ننال “مظهرا فوق السماء” في عصركما الميمون!
فما ينبغي قوله لم يقل، وقيل ما يحظر ويمنع قوله! وما ينبغي فعله لم يفعل، وفعل ما يحظر ويمنع فعله!
عندما تحركتما ليلة 3 أغسطس 05 وصبيحة 6 أغسطس 08 كانت المصلحة الوطنية حافزكما ورائدكما الوحيد بعد عِشرة وزمالة 30 سنة، وظللتما “فرسي رهان” و:
“رضيعَيْ لِبان ثدي أم تحالفا ** بأسحم داج عَوْضُ لا نتفرق”!
كُلٌّ يعمل من جانبه لإعلاء وحماية صرح الوطن وشأن الدولة.
فلا تتركا هذا الإرث النفيس يضيع بسبب فرية واش أو كيد عدو أو حسود، وصونا ما أنجزتما لأهلكما ووطنكما، وحذار أن تفرطا فيه!
واعلما أنه لا يوجد في ساحة الوطن اليوم من يسد مسدكما للوطن، ولا من يسد مسد أحدكما للآخر؛ أو من يؤمن بهذه الأرض كما تؤمنان بها، أو يستطيع أن يخدم هذا الوطن كما خدمتماه، رغم كثرة المدعين والمتباكين!
ولله در المتنبي حين يقول:
إذا اشتبكت دموع في خدود ** تَبَيَّنَ من بكى ممن تباكى
أناشدكما الله أن تكملا معروفكما اتجاه وطنكما واتجاه شعبكما، وأن لا تخيبا الأمل المعقود عليكما، وأن تسدا الطريق في وجوه المرجفين والواشين والمفسدين الساعين إلى أكلكما بالمفرق. وأن توقفا فورا – من فضلكما- الحملات الكلامية والتصرفات الطائشة؛ وتدخلا في حوار أخوي يعيد الود والمعروف بينكما، ويذيب الجليد، ويصلح الأمور، ويعيد البسمة والأمان إلى الواجمين المرعوبين شفقة عليكما وخوفا على الوطن. حوار يثلج الصدور، ويطفئ نار الفتنة المستعرة، ويخزي الشياطين ويفشل مكر الماكرين.
فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني المحترم؛
أهيب بكم أن تتذكروا وتتدبروا، وأنتم المثقف والأديب والقارئ، قول الشاعر:
وأرى موازين الرجال كثــــيرة ** وأجل ما وزن الرجال المنصب
فاختر لنفسك أي صوب تنتحي ** وبأي مضــــطرب تسير وتذهب
ما الحكم يرفع للبـــلاد بناءهــا ** كالحكم يهدم ركنــــــها ويخرب!
وكما تخيلتكم في مقال سابق تتمثلون في هذا المجال بطلعة لامحمد ولد أحمد يوره، فإني أتخيل اليوم أخاكم وصديقكم ورفيق دربكم محمد ولد عبد العزيز يخاطبكم – هو الآخر- بطلعة لسيد أحمد ولد كمبو يخاطب فيها الأمير بكار ولد اسويد أحمد، أروي لكم قصتها:
“كان الأمير بكار – مع عزمه وحزمه- يستمع القول، فيتبع أحسنه. ومن أمثلة ذلك، أنه لما قتل حلفاؤه أحد أعز أبنائه، تداعت عصبته وحلفاؤها لنصرته على حلفائه. وبينما كان يعد العدة ويضع خطط الهجوم على حلفائه، لأخذ ثأر ابنه. وقف بين يديه الشاعر سيد أحمد ولد كمبو وأنشأ، مذكرا بالعداء المستحكم بين الأمير بكار وجزء من عشيرته وحلفائهم، وذاكرا أسماء المعارك الفاصلة التي جرت بينه وإياهم، وأن هدفهم الأساسي من نصرته الظاهرة هو سلخه من حلفائه حتى يتسنى لهم الانفراد به، والقضاء عليه:
لَحَّگْ لَغْلَ عَرْبْ اغْوَيْدِيتْ ** شِيخْ اجْمِيعْ إعِيشْ ابْگِدُّو
عَـــــــن … هـُــومَ و…… ** وَاَهْـــــلْ ……. اعْـــــدُو
لاَ يَنـــــــسَ فَعْدَايْ الْمُبِينْ ** أوَسَـــــــــارْ أُتُورُگلِيــــنْ
إِدَوْرُ يقْضُ بِيهْ الدَّيْـــــــنْ ** مِــــــن جَيْشُ عَنُّ وإصِدُّ
أيَبْگَ گاعِـــدْ بَيْنَاتْ أَيْدِينْ ** ذِيكْ اجْمَاعِتْ لِعْدُ، وَحْـدُ.
فما كان من الأمير بكار إلا أن أمر بانفضاض الجمع فورا، وعفا عن حلفائه، فسلِم من كيد إخوته الأعداء!
ولكم فيه أسوة حسنة!