بنشاب : موريتانيا أمام تحدٍّ آخر لعملية الاقتصاد و التنمية، أخطر وأشد ضراوة من جائحة COVID-19 المستجد ، هو «الفساد».
ويعتقد البعض أن الفساد هو التربّح من مناصب السلطة، وإهدار المال العام والرشوة، والاختلاس والمحسوبية والواسطة والمحاباة فقط، هناك صور أخرى متعددة من الفساد.
مثلا، الإهمال والتقصير في العمل الذي يؤدي إلى وقوع كوارث، أليس شكلا من أشكال الفساد؟، وسرقة وقت الوظيفة واستغلاله بالعمل في جهة أخرى رغم الحصول على أجر عمل وقت كامل أليس هذا فساد.
في بعض المؤسسات، إن الذي يعمل مثل الذي لا يعمل، ويتساوى الاثنان في الحصول على الأجر، أليس هذا قتلا متعمدا لروح العمل والحماس والإبداع، مما يزيد من البطالة المقنّعة في وقت نحن نحتاج كل طاقة عمل خلاقة، ماذا نقول على هذا؟ إنه الفساد بعينه!.
بعبارة أخرى، من تواطأ مع الفاسدين شريكٌ أصلي في فعل الفساد داخل المجتمع.
وطبيعي من يجمع أموال البسطاء وغير البسطاء من أموال الشعب لوضعها مفسدون في جيوب هو قمة الإجرام والفساد. لكن ماذا نقول عمن يتلذذ بعقاب صغار القوم بتأخير معاملاتهم في أي مصلحة حكومية، ويسارع إلى إنجاز معاملات أصحاب الوسطات في المصلحة نفسها؟ لا نقول عنه سوى إنه فاسد ومنافق.
مدارس لها سنوات قابعة بين الأحياء السكنية، تتجمع داخلها النفايات والدواب دون نظر إليها، أليس ضربا من الفساد؟
يتصور البعض أن هذه أمور صغيرة. نعم، بعضها قد يكون صغيرا لكنه يعظم ويكبر عندما تقع الكارثة، مثل خسف بالطرق أو ضياع أموال وأرواح، وكم من دماء تسال سنويا على الطريق بسبب الحوادث، ولو حققنا فيها نجد أن معظمها لها علاقة بشكل من أشكال الفساد.
لكن المأساة أن يتسرب الفساد أيضا إلى مهن ومؤسسات ذات طبيعة إنسانية ومجتمعية، مثل: الشركة الكهرباء والمياه والصحة والتعليم .
هناك تبرعات ومساعدات تخرج عن نطاقها الموجهة إلي المواطن لتصب في جيوب المفسدين والفاسدين.
إذن ما العمل؟ أتصور أن الحل لا يقع فقط على عاتق الحكومة، إنما هو عمل تضامني بين الحكومة والمجتمع، خلال صدور تشريعات جديدة تجرّم أعمال الفساد غير التقليدية التي أشرنا إلى بعضها. وفي الوقت نفسه على أفراد ومؤسسات المجتمع، ومنها الإعلام بالطبع، تسليط الضوء على الفساد والمفسدين في كل مكان...