كنت قد دونت معجبا بدقة أرقام الوزير الأول حول توقعه لتراجع معدل النمو وزيادة نسبة التضخم، وأبديت إعجابي بمكاشفته للرأي العام بالحقيقة دون مواربة، ولا لف ولا دوران.
كان ذلك في جلسة استعراض البرنامج الأربعاء، لأتفاجأ في جسلة الجمعة من تضمن ردوده قراءة خاطئة للأرقام المقدمة عن رصيد الخزينة، والالتزامات المالية التي وجد أمامه، ولمقارنة بين حيثيتين لا وجه للمقارنة بينهما، وذلك في تصرف قارب المغالطة إن لم يكن جسدها، وتمثل ذلك في:
1. الرقم الذي قال إنهم وجدوه في الخزينة، وهو 26.4 مليار أوقية قديمة، يبدو دقيقا لأنه اتفق مع ما أعلنته الحكومة السابقة. كما أتوقع أن يكون الرقم الذي أعلنه عن الوضعية الحالية و هو 37 مليار أوقية قديمة دقيقا - هو الآخر - وذلك لسبب بسيط، وهو أن هذا العصر لم يعد عصر المغالطة لسهولة كشفها، قد تخفى المعلومات لفترة، لكن لا يمكن أن تقدم بطريقة مكشوفة الخلل.
والخطل في هذه المعلومات هو أنه لم يوحد أسلوب مقارنته في قراءة أرقام خزينته، فما دام قد قارن الرقم الأول مع الالتزامات (وهو خطأ)، فلم لا يقارن الثاني مع الإلتزامات أيضا ، وإذا كانت المقارنة غير سليمة ولا دقيقة فلماذا فعلها مع الرقم الأول!
معطى آخر حول نفس الأرقام بدى غير دقيق، أو إن شئت قل إنه غير صريح، وهو قول الوزير الأول إن المبلغ الأول (26.4 مليار أوقية) تضمن 50 مليون دولار (18 مليار أوقية) دعما للميزانية من البنك الدولي، ثم سكت أو أخفى المبلغ المشابه له في الرقم الجديد والحالي، وهو قريب من الأول حيث يصل 41 مليون دولار (30 مليونا منها من الإمارات العربية المتحدة، و11 مليونا من الاتحاد الأوربي).
فإذا كانت الأولى منقصة أو سلبية فلماذا قبلتها حكومنه؟
وإذا كانت تصرفا طبيعيا وجهدا حكوميا عاديا فلماذا تجاهلها في الثانية؟
2. أنهم وجدوا التزامات بقيمة 200 مليار أوقية، وهذا نظريا صحيح؛ فالتزامات الصرف السنوية في الميزانية تزيد على هذا المبلغ، لكن وجه المغالطة مقارنتها بالرصيد فلم يذكر أنه في ذلك اليوم توجد فواتير في الخزينة دون تسديد كما لم يذكر موارد الميزانية المتبقية، وهل تكفي لتغطية هذه الالتزامات، فالمتبقي من التزامات الميزانية بقارن بمستوى الموارد المفترض تحصيلها، وليس برصيد يومي يزداد وينقص يوميا تحصيلا وأنفاقا.
3. الوزير أعلن في عرضه أنهم عبأوا خلال ستة اشهر 200 مليار أوقية، ويبدو أنها - هي الأخرى - لا تخلو من مغالطة، خصوصا في إصافته لحكومته واستبعاد دور الحكومة السابقة، فهذا المبلغ يتضمن قرضا من مصرف صيني وقعت اتفاقيته بالأحرف الاولى من الحكومة السابقة، كما تضمن أيضا قرضا من FADES لتمويل عدة طرق في الداخل، فلماذا يجزم الوزير الأول - ويتفاخر - بأن المبلغ إنجاز صرف لحكومته.
مشكلتنا للأسف مع القراءة الرسمية الموجهة للأرقام تحتاج علاجا.
الهيبة الشيخ سيداتي