«ميزان الحق بين يدي السلطة: الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز والشيخ أحمد ولد سيدي أحمد في مفترق العدالة"

أربعاء, 22/10/2025 - 22:36

بنشاب : في هذه الساعة التي تتقاطع فيها مسارات الزمن والسلطة، يُسجل التاريخ لحظةً يُرتجف فيها قلب القانون ويحتار فيها الضمير: رئيسُ المحكمة العليا، الشيخ أحمد ولد سيدي أحمد، يتأرجح بين منصة السلطة السياسية، وهو يتهيأ لزيارة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، ومنبر العدالة، حيث يترأس جلسة النظر في ملف الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.

إنها مفارقةٌ تتحدى كل قواعد الحياد، وتسائل كل مرتكزات الاستقلالية القضائية. فكيف يكون القاضي في قلب السياسة وهو يحمل صولجان الحكم؟ وكيف يكون القرار القضائي نقيًا وهو مسكونٌ بظل السلطة؟

العدالة، في جوهرها، لا تعرف التناوب بين الحق والهوى، ولا ترتضي أن تُمسك في يد وتلوّح في الأخرى. وما نراه اليوم ليس مجرد مخالفة للقوانين، بل تصوير حيّ لانكسار الميزان بين القانون والسياسة، حيث يصبح الحق رهينًا للتوقيت، والمبدأ أسيرًا لمقتضيات الولاء، والضمير محتجزًا بين حدود القاضي والسلطة.

إن المشهد يكشف عن الحقيقة الساطعة: القضاء، في هذه اللحظة، لا يجسد الاستقلالية، بل يتحوّل إلى مرآة للسلطة، ومرشد للخطى السياسية، متخليًا عن دوره الطبيعي كحامي للحقوق. وما يبقى للمواطن إلا أن يراقب، صامتًا أو متسائلًا، عن أي عدالة نتحدث، حين تتقاطع الأدوار، وتتداخل المسؤوليات، وتذوب الفوارق بين من يفترض به أن يكون مستقلاً ومن يمسك بزمام السلطة.

والغموض الحقيقي ليس في الواقع، بل في معنى العدالة نفسها في هذه اللحظة: فهي موجودة، لكنها غائبة، حاضرة، لكنها مختبئة، واضحة، لكنها مغلفة بالشك والتناقض. فالحق ظاهر، والقضاء قائم، لكن من ينطق به؟ ومن يسمع؟ ومن يحكم؟

إن التاريخ سيكتب هذا المشهد كما هو: الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز يُحاكَم، والقاضي الشيخ أحمد ولد سيدي أحمد يجلس بين قانونٍ مسلوب واستقلاليةٍ محجوبة، وميزان عدالةٍ تراقصه السياسة. وفي هذا الصمت الطويل، يكون العدل حاضرًا في غيابه، والحق ظاهرًا في اختفائه، والضمير حيًّا في صمته.
Brahim Abdellahi