تحدي الإعداد والمنهجية .. في ثقافة الموسوعية والعفوية

خميس, 06/03/2025 - 09:02
بقلم الأستاذ/ محمدن يحظيه

بنشاب :القاسم المُشترك بين المجددين والمبدعين هو التعلق حَدّ الهيام والعشق بالثغور التي هيأتْهم الأقدار ودفعتهم القابليات إلى سدها والمرابطة عليها ؛ فمن خطيب مُفوّه ومن قارئ مؤثر ومن مُحفِّظ مُوفق ومن مُدرس مُسدّد ومن داع إلى الخير لا يفتر وساع في العمل الخيري لا يسأم ...
والكتابةُ العِلمية ثغرٌ من هذه الثغور وميدان فسيح من ميادين الدعوة الإسلامية وتوريثِ العلم و تقريبه وتقديمه في صبغة أدبية تتلألأ فيها أصالة اللغة وأناقةُ الأسلوب ..
 بَيْد أن هذا الثغر لا يزال قليل الرواد كثير العقبات أهلُه غرباء بين طلبة العلم ثقلاءُ على البيئة والجمهور المُستوفِز لما تيسر من استحضار جذاب أو استقطاب مُستعجل ؛

قبلَ مُدة قلّبتُ صفحات الناجحين واستنطقتُ سِيَر المجددين الذين تركوا بصمتَهم في الحياة العلمية والدعوية والتربوية وراهنوا على العقل الفطري ووثِقوا في التوفيق الرباني ومضَوا في مشاريعِهم العلمية والدعوية كأنهم يستودعون في أساس كلِّ جدار كنزا علميا يصنعونه على عين الله فيكون رزقا هنيًّا وفتحا علميا تكتشفه الأجيال وتبعثه العقول بالبحث والتنقيب فيبدو كالسابق لأوانه ولكنه على الحقيقة ينتظر دوره ولحظته وجيلَه كما قال الله تعالى في شأن الكنز المادي :
{ وأما الجدارُ فكان لغُلاميْن يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدّهما ويستخرجا كنزهما رحمةً من ربك }

نحن مدينون في الإبداع والتحقيق والكتابة العلمية لأقلام وعقول كتبتْ لنا ولم ترَنا واستشرفت قابلياتنا وأذواقنا فخاطبتْنا من وراء السنين والمسافات مستودعةً بطون الكتب كنوزا علمية وأدبية فتّقت الأذهان وألقحت العقول والتجارب فكم دعوة صالحة غَنِمَ أهلُها ؟وكم كربة نفّسوا؟ وكم معضلة فرّجوا ؟
وهل العملُ الباقي والذكرُ الجميل إلا ذلك.

في فترات البحث والبرامج العلمية تقلُّ خلطتي بالناس وتفتر علاقتي بالأصدقاء وتذبُل غصون علاقات وصِلات لم يَدر أصحابها بأي ذنب نُسيت ؟
 ناهيك عن بَلِّ الرحم ببَلالها وجَبر الخاطر بمعرفة غُدوها وآصالها ، 
وما شيءٌ من ذلك عن سبق إصرار ولا عن صدود أو احتقار . إن هو إلا استيلاءُ القلم على التفكير والعيش مع المشاريع العلمية نطارد خيوطها ونراقب تخَلُّقها و نلتقط شاردها ونستبق واردها قبل التّفلُّت والانصرام 
فما أعظم شُغل الكُتَّاب والباحثين عند أنفُسِهم ، وما أعجب فراغَهم وأشبَههُم بالمجانين عند الناس ؟