بنشاب : كتب القاظي
إن قيام الدولة الحديثة التى أنشأها ولد عبد العزيز قبل خمسة عشر سنة قد أنقذت هذا الوطن من الهلاك الفعلى والاندثار( ...) لقد لعب الرجل أهم دور فى احداث التغيير الذي قاد موريتانيا خطوة خطوة رغم الهزائم والانكسارات لتصبح في كل مرحلة أفضل مما كانت عليه من قبل. قد تبدو هذه الكلمات عند السفهاء كفرض نظرى تحتاج إلى تقديم براهين .. ولكن صحة الفرض يكفي منه الآن شهادة الرئيس الحالى بالصوت والصورة- مادام ينتمي إلى أولاد الصالحين- فى خطابه الافتتاحي لحملته الأولى الانتخابية .. حيث لم يدخر جهدا في إثبات إنجازات الرجل .. أما الآن وقد تم السقوط الفاضح فإن إثبات شواهد من التاريخ الحالي على أن ( الاندثار) الفعلي وليس المجازي ، أصاب موريتانيا والموريتانيين من جديد و بعد سنتين فقط من حكم غزواني على مقادير البلاد والعباد، سواء بالمنظومة الفكرية التى فرضت علينا التخلف أو بالقمع والتصرف الوحشي الذى يصل إلى حد التصرف الصبياني اليومي ضد ولد عبد العزيز وضد الشعب . لهذه الأسباب وغيرها كادت موريتانيا أن تندثر اندثارا ماديا في الظلال الوارفة للنظام الجديد بإسم الاعتدال والدين .. وأحيانا كثيرة يطبق هذا النظام طريقتهم " الإستبسية" ( أي طريقة سكان المراعي ) فى معاملة الحيوان .. فهم قد انتقلوا من رعى قطعان الحيوان إلى رعي قطعان الإنسان.. وكما يفصل الراعى بين أنواع القطعان فصل هذا النظام بين الأجناس والطبقات عملا بمبدأ : فرَّق تسد ، وكما يسوس الراعى قطيعه بالكلاب كان إعلام الحواضر كلاب صيد النظام ، وكما يحلب الراعى ماشيته كانت موريتانيا بقرة كبرى عند النظام للحلب فقط. ولكن أخطر مافي هذا النظام هي طريقته في التفكير التى استقرت في نفوسهم تحت ظل القهر المتوحش والتخلف المروع باسم الاعتدال والاخلاق .. حتى انهم ربما بفعل الغيبوبة المزدوجة توهموا أن مايجري لهم هو من طبائع الامور الدينية .
كان الخديو توفيق يقول (( لقد ورثت أنا ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا)) فلا يتردد ضابط أن يرد عليه (( والله الذى لا إله إلا هو ، لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا وعقارًا ، والله أننا لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم )) كان هذا الضابط هو أحمد عرابي العظيم .
عن/ عشرية الانجازات