شعرت في حياتي بالذل والهوان في وطني مرتين: المرة الأولى كانت في بداية الثمانينيات لما مات تحت التعذيب شابان مناضلان من الحركة الوطنية الناصرية، أحدهما وحيد أمه العجوز من أطار، والثاني زوج سعيد لفتاة جميلة وأب لابنتين في عمر الزهور! والمرة الثانية حين التقيت في مصرف BMCI برجل بولاري يمشي مشية البطريق أو حامل على وشك الوضع؛ فسألت عن السبب فوجدت أنه التعذيب، وأن الرجل كان محظوظا لأنه بقي على قيد الحياة، بينما قتل العشرات أو المئات من أبناء جلدته ظلما وعدوانا! فقلت مباشرة:
نحْنَ يَلْدايِرْ هَمْنا ** واتْگُولْ اِنَّكْ تِبْغينَ
بُــــونَ آدَمَ وامّْنا ** حَوَّاءْ أُمُسْلِمِـــــينَ
ثم انخرطت في الدفاع عن أرامل الضحايا ويتاماهم، وطالبت ضمن الـ50 مُوَقِّعا بالديمقراطية، جهلا وظنا بأنها وحدها سوف تكون بلسم ما جرى، وتحل مشكلات الوطن والشعب. ولم أضع في الاعتبار ما للمترفين من قوة ونفوذ ومكر!
وها أنا اليوم أشعر بالذل والهوان في وطني من جديد، بعد أن كنت أعتقد أن سفينته رست على بر الأمان، وأنا أشهد مأساة وطنية أخرى تمثلت في موت مواطن حر وحقوقي شهم تحت التعذيب، واغتياله بسبب أفكاره؛ هو الصوفي ولد الشين رحمه الله وألهم ذويه الصبر والسلون.
لقد قتل الصوفي ولد الشين مرتين: حين أزهقت روحه البريئة الطاهرة، وحين تواطأت قوى الأمن والعدالة على طمس آثار الجريمة واعتبارها وعكة صحية، واقتيادا!
المؤامرة نفسها التي تعرض لها الرئيس محمد ولد عبد العزيز: تم الانقلاب على نهجه وأغلبيته ومنجزاته، ودبرت له الدوائر نفسها تهمة مختلقة هدفها طمس آثار الانقلاب وتشويه سمعة الرجل، وإقصاؤه عن ميدان السياسة، وحرمانه من حقوقه في وطنه!
والآن وقد افتضح الأمر، يَعِدُون بتحقيق قضائي يقوم به خليط من العدالة والشرطة، وبأن تأخذ العدالة مجراها! وهذا أمر مستحيل في الظرف الراهن!
- فالمتهم لا يحقق في الجريمة (فيك الخصام وأنت الخصم والحكم) بل يعيد تمثيلها فقط!
- وفي وضعها الراهن المزري في ظل وزير العدل الحالي، لا توجد عدالة ولا محاماة بالمفهوم الصحيح! بل موظفون فوق القانون في خدمة طرف ظلامي من السلطة يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه!
... إن حياة رئيس الجمهورية السابق محمد ولد عبد العزيز في خطر شديد!
انواكشوط 12 /02/ 2023
محمدٌ ولد إشدو