شكلت العشرية حالة الاستثناء الوحيدة في البلد للتناوب الديمقراطي السلمي على السلطة فقد سلّم رئيس منتخب السلطة لخلفه المنتخب في يوم مشهود كان الفريق الذي خاض غمار العشرية خلف قائده الملهم حاضرا وشاهدا مفعما بالعواطف الجياشة منتشيا بالفعل الخالد الذي ساهم فيه الجميع كل من موقعه وحسب جهده الظاهر والموثق بالصوت والصورة والمحفوظ بعناية لا تسمح بمسح الرتوش ولا بإضافة فهم لاحق في ارشيف تكنلوجيا القوم .
ومهما اختلفنا او اتفقنا فقد احدثت العشرية وفي زمن قياسي ما اذهل عيون الكثيرين واقض مضاجع آخرين من الطرفين المعارض وخلايا المولاة النائمة حسب ما اكد واقع الانتقام من قائدها فيما بعد ، حينما انقلب الفريق على قائده بالامس و أضلوا قائدهم الجديد وهو الانقلاب الاول من نوعه على رئيس خارج السلطة وعلى نتاج جهده وقد سلمه بشكل رسمي لخلفه ، فأي مفارقة لحدث دفع الوطن ويدفع باستمرار من مواصلته ، تكلفة باهظة لامس انعكاسها مختلف مناحي حياة الشعب سلبا والوطن هدرا لإمكانياته وشوه مساهمة الجمهورية في ترسيخ النظام الديمقراطي وسيفزع كل مغادر للسلطة بحكم الوصول الى تاريخ انتهاء صلاحية المأمورية ، والغريب ان كل العبث المتعمد لا زال دون النتائج المتوخاة منه ولا زال الصراع زيتا يصب على نار تدمير المكتسبات وحرقا لكل صفة كبرياء للجمهورية وانتقاصا من هيبتها داخل مقل المؤمنين بها و في اعين المتربصين بها على مختلف جبهات حدودها الملتهبة .
لم تكن بداية العشرية كبداية ما تلاها او ما سبقها فقد ولج القائد وكل جنودها معمعان حرب ضروس لإثبات الجدارة وتبرير احقيتهم في التغيير العنيف خارج العرف الديمقراطي وخارج اطر الممارسة الديمقراطية وهو ما تحقق لهم فمنطق اللحظة يؤكد ان درء المفاسد اولى من جلب المصالح خاصة اذا كان الشهود اجمع اقلبهم على ان جلب المصالح من فوهة البركان النشط يترتب عليه من مخاطر تهديد وجود وبقاء المشروع ما حدثت عنه النخبة رغم مصداقيتها المهزوزة دوما واكده الواقع المنذر بشؤم التوقعات .
لم تحظ بداية العشرية بالإجماع الذي حظي به الخلف ولم تنل من الدعم الخارجي ما ناله بل حاصرها العالم الخارجي و وأجهزت عليها القوى المعارضة في الداخل وخذلها خفية فلول الأنظمة ما قبلها ، مع ذالك واجهت بجموع المؤمنين بها واقع البلد المزري وفرضت وجودها داخل عالمها وداخل عوالم الكون من حولها ولم تتعمد تبرير النقص والعجز والخطأ بل بحثت عن الحلول و فرضتها من امكانات البلد ومن ثقة الشركاء التي حفزتها ارادتها السياسية التي لا تلين والتي خلقت للوطن دوره و دقدقت مشاعر الشعب وهو خلف القائد في الاحياء العشوائية و في إرواء الظمأ و فك الحصار وربط اجزاء الوطن المبعثرة على خارطته المهملة منذ تشكيل جمهوريتها بخيوطها الناظمة وبإرادة مستعمرها وبمجاملتها المفرطة وبدوسها على قانونها الناظم دون حياء ودون خجل حتى رضعت النخبة الاستخفاف بالمشروع وسخرت من الشعب وروجت للاساطير التي تجد لها آدان صاغية في صحاري ووهاد الخوارق والكرامات حدّ مغازلة النبوءة التي كان آخرها مع النبي الخاتم منذ ازيد من 14 قرنا .
شيدت الارادة الجريئة في العشرية ما امكنها من اولويات الشعب والوطن فتم تحديث الموسسة العسكرية والامنية باعتبارهما الدرع الحامي و استحدثت الحالة البيومترية و وزعت الارض وطرد اليهود وكرمت أسماع وأنظار الشناقطة بالمحظرة إذاعة وقناة و"روتبت "الائمة وطبعت المصحف وانشات الجامعات والمعاهد والمدارس النموذجية والامتيازية وشيدت المنشآت الصحية والمباني الحكومية وانشأت المؤسسات كالشركة الوطنية للنقل وشركة االاستصلاح الزراعي و شركة معادن موريتانيا والحديث طويل عن انجازات لا تزال شاهدة الاختلاف حولها مجرد مكابرة لا يستحقها الوطن ولا جهود الصادقين الذين شاركوا فيها كل من موقعه .
مقارنة جزء يسير من تاريخ الوطن بما سبقه وبما لحقه بعد العشرية استهداف متعمد لفضح اغلب النخبة التي شاركت في القرار منذ صبيحة 28 نفمبر 1960 و الاعتراف بأن النتيجة خلال العشرية كانت لصالح الوطن والشعب وضد الاحتكاريين والمنافقين والعملاء هو عين الصواب وهو اهم ملاحظة يسجلها قادة رأي الجمهورية النيرين رغم النواقص ورغم خطأ السماح للمفسدين من دخول ورشات العشرية تحت اسماء مستعارة سرعان ما انكشفت ، وعلى الرئيس المنتخب بفضل اداء فريق العشرية وقائدها المعتقل ان يستفيد من غراب ابني آدم ويواري سوءة المسيئين باسم الجمهورية ومؤسساتها حتى لا تنتصر شياطين بئر العطاي على كرامات و خوارق آبارنا المتناثرة التي نضب اقلبها .