بنشاب: صاحب الفخامة السيد محمد ولد الغزواني حفظكم الله، بعد ما يليق بكم من تقدير نكنه لكم ليس بسبب إنجازاتكم الملموسة إن وجدت، ولا لتحقيقكم تعهداتكم الانتخابية إن تحققت، هو احترام رزقكم الله به لا نعرف له سببا ماديا ملموسا، فليس خوفا قطعا وقد كشفنا عن تمردنا على ما يمارس في ظل حكمكم من ظلم وفساد، ولا هو طمع وقد تركنا صحون الترضية مغطاة على موائد من حاولوا إسكاتنا بلقيمات الفتات المهينة..
احترامنا لكم يا صاحب الفخامة بقية أخلاق و نزر من التقوى يفرض علينا التزام حدود الرقي في التعاطي معكم كرجل مسن و شيخ وقور ورئيس للجمهورية التي يجري تقديسها في عروقنا المحترقة من مظاهر التقهقر البادية على بوابات حكمكم الوليد.
صاحب الفخامة يطيب لنا أن نلفت عنايتكم إلى خطورة وشؤم قانون حماية الرموز، الذي ابتُدعت فكرته في أذهان متملقين، سبق لسكرة النفاق أن ألقتهم سجدا عند أقدام سلفكم، وهم يهذون بمطالبتهم إياه تعديل الدستور المقدس، ليحظى بمأمورية ثالثة.. و تقيء بعضهم موبقة المطالبة بمبايعته أميرا للبلاد، و تحويل الدولة إلى مملكة، كنتم حينها الرجل الثاني في ذلك النظام "المشؤوم" إلا حضرتكم، حيث كانت تظلكم غيمة العناية الإلهية، فلم يلحظ اللاعنون الآن لتلك الفترة، حقيقة أنكم كنتم أحد أهم رجلين سيراها، مع أنكم صرحتم سابقا بأنكم لم تطلبوا منهم التقرب إليكم بالتهجم عليها و لا على رئيسها…
ذلك فضل كبير من بعض ما من الله به عليكم، ولا غرو إن ظهرت لكم كرامات و خوارق للعادة: التفسير الوحيد لمهاجمتهم للعشرية و تمجيدكم و تقديمكم كأحد الفاتحين.
فإن صنعتم لفخامتكم سوطا خاصا، بواسطة قانون حماية الرموز، غير سياط التكميم و التعذيب المزغردة في أيادي جلاديكم، الساحلين لشعبكم، فسيكون ذلك وصمة عار في تاريخكم، و غيمة سوداء تُسقي نور الأمل ظلام الخيبة و التعس.
فالرمزية لا تنتزع بالقوة ولا تصنع بالترهيب، و مدى الخوف محدود و ضيق، يؤدي في نهايته إلى ساحات التحرر و التمرد، ولا نتمنى أن يفكر الشعب بتلك الطريقة.
فإن كانوا أوهموا فخامتكم بحفظ الحريات في ظل قانونكم ،فقد كذبوكم و هم المشاؤون بالإفك و التحريف، وفور إقرار القانون، سيكيفون كل نقد، وكل توجيه وكل تعبير ليستحق صاحبه السجن، و هو المغزى ومنتهى المأمول لديهم.
لكن السجون الصغيرة في ظل ظروفنا المعيشية القاسية و سوء تسيير نظامكم للبلد، تبقى أكثر رفاهية للشعب المطحون من سجن البؤس الكبير الذي يعيشه منذ توليكم للحكم…
فلو أعلنت الحكومة الآن عن جريمة يمكن للأسرة ارتكابها وتكون عقوبتها السجن مع التكفل بالمأوى و المأكل و المشرب و الحراسة المجانية لتقاتل الناس عليها، فلا ماء ولا مرعى و لا صحة و لا أمن في هذه الدنيا القابعة خلف أسوار قصركم يا فخامة الرئيس!
وإن أرادت وسائل إعلامكم ذات الميزانيات المليارية، أن تنجح في تخدير وعي المواطنين بخطورة قانون الرموز، ما عليها سوى إرفاق الخبر بإعلان بسيط على منوال : " بموجب قرار صادر اليوم تعلن الدولة تكفلها بكل الوجبات اليومية، بالإضافة إلى حراسة مشددة، و تأمين صحي و مسكن مزود بالماء والكهرباء، و جو ملائم للقراءة والمطالعة لكل مواطن انتقد رئيس الجمهورية أو أداء الحكومة"، سترون حينها يا فخامة الرئيس كل الذين قُدر لهم البقاء على قارعة الطريق يدفعون من مدخراتهم المعدومة للوراقات والمدونين مقابلا لدخول سجونكم المترفة مقارنة مع ظروفهم البائسة.
تقبلوا في الأخير _فخامة الرئيس _ كامل التقدير و الاحترام