عندما أتوا بعشرات المواطنين في حافلات مؤجرة وأوهموهم بأنها وقفة للمطالبة بتخفيض الأسعار و تزويد أحيائهم بالماء الشروب، حشدوهم و قاموا بتزويدهم بالشعارات المطالبة باسترجاع الأموال المنهوبة، دون أن يدركوا ما حملوهم من أوزار كذب خادعة.
طوقوهم فجأة بسوار من المرتزقة يخطفون أبصارهم ببروق وميض المصورات، وملؤوا الفضاءات الاعلامية بعرير بهتانهم.
وتتذكرون كيف فضحهم بث مباشر عفوي لاحدى المنصات، عندما حاول صحفي مهني أصيل أن يطلع الرأي العام على آراء المتظاهرين ودوافعهم للمطالبة بما يحملون من شعارات، فكانت المفاجأة التي تعرفون جميعا: "أتينا لمطالبة الدولة بتحسين أوضاعنا المعيشية"، وانطلقت أعمدة دخان الفضيحة.
لم تتدخل الشرطة حينها و لم تفرق الحشود و لم تحضر إلى أذهان المسؤولين الاجراءات الاحترازية، و لم تصادر الهواتف، كان ذلك يوما مشهودا تدفق فيه سيل التلفيق من صدور الحانقين غير الحاذقين في وادي التزلف المثقوب.
بينما شدوا اليوم وثاق حرية مئات الخارجين للتعبير عن قناعاتهم، وضيقوا الخناق على الأماجد الذين لم ينخدعوا بمسرحيات الظلال وتمثيليات الطهر و النزاهة.
إنهم يكيلون العدل بمكيال الظلم و يلبسون الحق عباءات الباطل، قوم يرتجفون من الأصوات المخالفة يحسبون كل صيحة عليهم، يرابطون على ثغور الفساد و يقاتلون خيوط النور بأجنحة الظلم و الظلام لكن لا نجاة من طوفان الحقيقة.