بنشاب : ذكرت بعض المواقع تصريحا لوزير الثقافة ادلى به مساء الاربعاء الماضي أثناء المؤتمر الصحفي الأسبوعي للحكومة، جاء فيه “إن رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني وحكومته لا دخل لهم في ملف التحقيق، ولا يقدمون التحقيق ولا يعجلونه” مشيرا إلى أنه عند جهة مختصة في “دولة القانون” هي القضاء “وهي المسؤولة عنه وعن مساطره”. وكان السيد وزير العدل قد صرح من قبل بنفس المضمون في مداخلة له أمام البرلمان!
و قد عرف شدا و جذبا بين المتابعين و المراقبين للشان العام على وسائل التواصل و الفضاء الأزرق، و في نفس السياق صرحت هيئة الدفاع ردا على تصريح وزير الثقافة، بما يلي:
لدينا في هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الملاحظات التالية على تصريح وزير الاعلام:
1. من حيث الشكل، يظهر من هذا التصريح، للوهلة الأولى، أن رئيس الجمهورية وحكومته لديهم موقف حيادي ثابت وواع إزاء قضية عادية منشورة أمام القضاء في “دولة القانون”! وهذا لعمري أمر رائع ومبدئي يذكر لهم ويشكر، إن صح. ولكننا حين نتجاوز الشكل ونغوص في المضمون، سرعان ما نجد أن الأمر ليس كذلك؛
بل هو مجرد تكريس وإمعان وتماد من طرف السلطة التنفيذية – وخاصة أولئك الذين يحيطون بفخامة رئيس الجمهورية- في التغاضي عن انتهاك دستور وقوانين البلاد! فرئيس الجمهورية “هو حامي الدستور، وهو الذي يجسد الدولة ويضمن، بوصفه حكما، السير المطرد والمنتظم للسلطات العمومية. وهو الضامن للاستقلال الوطني وللحوزة الترابية” حسب نص المادة 24 من الدستور. ومَنْ هذه صفاتُه وصلاحياته لا يمكنه بحال من الأحوال الحياد في معضلة جسيمة تتعلق بانتهاك الدستور وتعريض أمن ووحدة ومصالح البلاد للخطر؛ لأن في ذلك إلقاء الحبل على الغارب للباطل كي يسرح ويمرح ويرتع ويتمدد على حساب الحق والقانون… فبعهضم إذا لم ينه فهو مأمور!
2. ترى، ألم يأن للسيد وزير الثقافة والنائب السابق، وعضو “لجنة التحقيق البرلمانية” وزملائه الكرام (الوزراء والنواب) أن يعلموا أن الدستور الموريتاني، وهو العقد الاجتماعي الذي يحكم الدولة والشعب في موريتانيا، لا توجد فيه مادة واحدة؛ وخاصة مواده التي تنظم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية (المواد من 56 إلى 77) تجيز تشكيل أي “لجنة تحقيق برلمانية” للتحقيق في تسيير الحكومة القائمة، أحرى تلك المنصرفة، ولا يخول البرلمان سوى سلطتين فقط:
أ. سلطة سن القوانين.
ب. سلطة رقابة العمل الحكومي بالطرق القانونية التي سنبينها في الملاحظة الأخيرة.
وما عدا ذلك باطل وفضول وملغًى ولا أثر له. أما رئيس الجمهورية فلا سلطان للبرلمان عليه إطلاقا، إلا في حالة الخيانة العظمى فيما يخص الرئيس القائم، أما الرئيس المنصرف فلا سلطان للبرلمان عليه أبدا، ويكفل له الدستور حصانة مطلقة؛ حيث تمنع مساءلته عن أفعاله أثناء فترة رئاسته حسب نص المادة 93 التي تقول حرفيا: “لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته، إلا في حالة الخيانة العظمى…”!
3. لقد حان لفخامة رئيس الجمهورية أن يدرك أن تشكيل “لجنة التحقيق البرلمانية” كان مَكْرًا ومكيدة وفخا نصب له ولأغلبيته وللدولة. فخا تَجَمَّع حوله كافة أصحاب المآرب والأعداء الداخليين والخارجيين، ولن تحصد موريتانيا بالتمادي فيه إلا الفتن والخيبة والخراب والانشغال عن الأهم! وبالتالي، فعليه أن يبادر، وأن لا يبقى مكتوف اليدين اتجاه هذا الخطب؛ بل يمارس صلاحياته ويقوم بواجباته ويتحرك لحماية الدستور والقانون والجمهورية وإيصاد جميع أبواب الفتن المشرعة! وكنا قد بينا لفخامته هذه الحقائق في رسالة مفصلة وجهناها إليه نأمل أن تكون قد وصلته ورتب عليها ما ينبغي ترتيبه؛ وهو حماية الدستور والدولة والأمة من الخطر المحدق.
4. ومما لا ريب فيه أنه لن يعدم من بين البطانة من يوسوس بغير الحق، ويدعو إلى الباطل. ولكننا لا نطلب منهم في مواجهة باطلهم إلا أن يثبتوا لنا عدم وجود المواد التالية في الدستور الموريتاني، أو عدم وجود الدستور الموريتاني أصلا:
– المادة 24 وهذا نصها: “رئيس الجمهورية هو حامي الدستور، وهو الذي يجسد الدولة ويضمن، بوصفه حكما، السير المطرد والمنتظم للسلطات العمومية” فهل بإمكان من هذه صلاحياته أن يلزم الحياد في مثل هذه الظروف؛ خاصة أن خرق الدستور يشكل خيانة عظمى؟
– المادة 72 وما بعدها من الباب الرابع الذي ينظم “علاقات السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية” (المواد من 56 إلى 77) ويحدد للسلطة التشريعية وظيفتين هما سن القوانين (المواد من 56 إلى 71) ورقابة عمل الحكومة القائمة عن طريق المساءلة وحجب الثقة (المواد من 72 إلى 77) وتتم تلك الرقابة على النحو التالي: “تلزم الحكومة بأن تقدم للبرلمان حسب الصيغ الواردة في القانون، كل إيضاحات تطلب منها بشأن تسييرها ونشاطها” (المادة 72) و”يعتبر الوزير الأول بالتضامن مع الوزراء مسؤولا أمام الجمعية الوطنية، وينتج تعريض المسؤولية السياسية للحكومة عن مسألة الثقة وملتمس الرقابة… وللجمعية الوطنية أن تطعن في مسؤولية الحكومة بالتصويت على ملتمس رقابة” (المادة 74) ولذلك إجراءاته المحددة في المادة نفسها. و”يؤدي التصويت المناوئ أو المصادقة على ملتمس الرقابة، إلى الاستقالة الفورية للحكومة، ولا يحصلان إلا بأغلبية نواب الجمعية الوطنية…” (المادة 75). ولا توجد مادة واحدة من تلك المواد تعطي أي سلطان ولا صلاحية ولا رقابة ولا نفوذ للبرلمان على الحكومات السابقة. ولا على مؤسسة رئيس الجمهورية، إلا في حالة الاتهام بالخيانة العظمى في حق رئيسٍ في السلطة، ولا على رقابة المال العام التي هي صلاحية محكمة الحسابات بموجب المادة 68 فقرتها قبل الأخيرة! أرونا إياها إن كنتم صادقين!
وعليه فإن لكل من السلطتين التنفيذية والقضائية كل الحق في إيقاف لجنة تحقيق برلمانية غير شرعية عند حدها، وإعلان بطلان وإلغاء جميع أعمالها الفاسدة المدمرة. وليس لهما الحق في ذلك فحسب؛ بل إنه من واجبهما! من واجب رئيس الجمهورية بصفته “هو حامي الدستور، وهو الذي يجسد الدولة ويضمن، بوصفه حَكَمًا، السير المطرد والمنتظم للسلطات العمومية…(المادة 24 من الدستور)”! ومن واجب القضاء المستقل؛ إذ “لا يخضع القاضي إلا للقانون” (المادة 90).
– المادة 93 التي تقول فقرتها الأولى بالحرف الواحد: “لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته، إلا في حالة الخيانة العظمى”.
{فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون}؟!
هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز