نواذيبو: مدينة زارها الرئيس ست مرات ولم تزرها التنمية 

ثلاثاء, 30/12/2025 - 18:43

بنشاب : في نواذيبو، لا تُقاس الزيارات بعدد المرات، بل بما تتركه من أثر. خمس زيارات رسمية مضت، والسادسة تطرق أبواب المدينة غدا. وبين طرقات الاستقبال وخطابات التدشين، يظل السؤال معلقا في هواء البحر: ماذا ربحت الساكنة؟
منذ الزيارة الأولى، كان العنوان الأبرز هو “التدشين”. لكن التدشين، حين يتحول إلى عادة، يفقد معناه. زيارتان سيطرت عليهما منشآت سنيم شركة اعتادت، منذ نشأتها، التطوير والتجديد الدوري لآلياتها وخطوطها، لا لأنها وُضعت على جدول زيارة، بل لأنها منطق الصناعة ذاته. المفارقة أن الفقر في التدشينات، الذي استُدعي فجأة، لم يكن حاضرا قبل سنوات، وكأن الإنجاز حين يغيب عن حياة الناس يُستحضر على المنصة.

ثم تعددت الأشرطة المقصوصة: توسعات، أحجار أساس، إطلاق خط شحن جديد بميناء نواذيبو. لكن الأثر؟ كأن هذه الإنجازات كُتبت بحبر سري؛ لا يراه العامل في الميناء، ولا يشعر به التاجر، ولا يلمسه الشاب الباحث عن فرصة. التدشين القادم غدا، والأثر ما يزال “قيد البحث”.
في الماء، حكاية أشد إيلاما. تدشينات التحلية انتقلت، في الخطاب، من سعة خمسة آلاف إلى ما يقارب 1200 متر مكعب اليوم ، انتقال لا يروى عطشا بل يضاعفه. وتدشين توسعة 10.000 متر مكعب القادمة من بولنوار ظل وعدا بلا صدى، فيما أحياء كاملة تعيش انقطاعات تصل أسبوعين. أي منطق هذا الذي يحتفي بالأنابيب بينما الصنابير صامتة؟
وفي الطاقة، قُص الشريط على حقل للطاقة الهوائية. صورة جميلة، مراوح تدور، لكن لا جديد في التغطية، ولا انخفاض في السعر. يدور الهواء، وتبقى الفاتورة ثقيلة، وتبقى البيوت على حالها انقطاعات متكررة و تضرر في الأملاك ولا أحد يتحمل المسؤولية !

هنا، يصبح التساؤل واجبا : ما فائدة هذه الزيارات إن لم تترجم إلى تغيير ملموس؟ ما قيمة أن تتكرر الزيارة ست مرات، بينما تتكرر الأزمة كل أسبوع؟ أهي سياسة الأثر المؤجل؟ أم إدارة الانطباع بدل إدارة الواقع؟
نواذيبو لا تطلب المستحيل. تطلب أن يُقاس الإنجاز بعد الزيارة، لا أثناءها. أن يختبر في الحي، لا في النشرة.
غدا  ستلتقط الصور، وستلقى الكلمات. لكن ما لم يسمع هذه المرة هو أنين الأحياء، وما لم يكتب هو أثر يرى. والمدينة التي صبرت على خمس زيارات بلا حصاد، لها الحق أن تسأل السادسة سؤالا واحدا عميقا ومؤلما: متى نرى نواذيبو في نتائج الزيارة، لا في بروتوكولها؟

الشيخ الكبير ولد بوسيف