
بنشاب : في عوالم السياسة كما في أزمنة المحن، لا يُقاس الموقف بالظاهر وحده، ولا تُفهم الحقائق بمظاهرها العابرة. أحيانًا يكون الصمت أبلغ بيان، وأحيانًا يكون الغياب أعمق صرخة، وأشد وقعًا من أي كلمة أو وقفة. لكن حين يمتزج الصمت بالسكوت الكامل للأقرباء، وحين يبقى الأهل عاجزين عن التحريك، يطلّ على الساحة سؤال وجودي لا يُحجب: هل هذا صمت حكمة أم عجز أم تقصير؟
إن صمت أخوات الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وابنته وولده، عن الظهور أو الكلام، وعدم تحريك ساكن في الوقفات أو على وسائل التواصل الاجتماعي، ليست مجرد علامة على الانكفاء، بل كارثة لا يستهان بها، وعيبٌ يرقى إلى حدّ العار، أمام وضعية الرجل التي يراها القرباء كلّ يوم.
فالمرء يتساءل: إذا كانت هذه مسرحية، فلماذا لا يُعلنونها بوضوح للمناصرين، فيرتاحون من عناء التعب والصهر والوقفات؟ وإذا لم تكن مسرحية، فلماذا لم تحرك أخواته ساكنًا؟ ولماذا لم تتحدث ابنته أو ولده؟ لماذا يظلّ الجمهور، الذي يعرف مدى ما يحيط بالرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، في حالة ترقّب وقلق، دون أي تفسير من أقرب الناس إليه؟
إن عدم الكلام وعدم التحرك من أقرب الناس، بينما يعلمون ما يحيط بالرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز من ظروف، يخلق فراغًا مدويًا، ويترك الشارع أمام الحقيقة الغائبة، والغموض المريع.
فالحقيقة ساطعة: الأقرباء، وهم يرون ما يراه الجميع، يتحملون مسؤولية صمتهم، ويضعون أنفسهم في موضع النقد واللوم، إذ إن كل ساعة صمتهم تثقل كاهل الحقيقة، وتزيد الشكوك، وتحوّل الوضعية إلى عبء أخلاقي وسياسي لا يُحتمل تجاه الرجل الذي كانت لهم قرابة الدم والمودة: محمد ولد عبد العزيز.

