مرايا السِّجال بين محمد ولد زينى  ، الرئيس السابق  Mohamed Abdel Aziz  وأنصاره، الخِطابُ السَّيّال في فضحِ أوهام الأقوال

أربعاء, 10/12/2025 - 15:42

بنشاب : في مطالعِ الفتن حين تُخْلَطُ الأصواتُ خلطَ الهَبَابِ بالهَبَّاءِ، وتُخاضُ المقاصد خَوْضَ الغَويِّ في لججِ الظنون؛ ينبري قومٌ إلى الكلمات لا ابتغاءَ حقٍّ، ولكن طلبًا لِغَلَبَةِ الوَهْمِ على الحقيقة، فيتوهّمون أن الصخبَ رأيٌ، وأن الغلَّ بصيرة، وأن الانتشاءَ بوَهَجِ الخصومة نبوغٌ. ومن هؤلاء محمد ولد زيني، الذي أطلق لسانه لا على سنَدٍ من تحقيقٍ، ولا على نورٍ من روية، وإنما على ما تَحْبِلُ به حنايا النفوس إذا غَلَبَها القَتَار وانحجبت عنها نُورِيَّةُ الإنصاف.

ولقد رأينا محمد ولد زيني يَسْرُدُ ما يَسْرُد، ويخطو نحو الاتهام خُطوَ الهائِم في شعابٍ لا دليل فيها، يعمد إلى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز فيُسرف في التحقير، ويُغْدِق من قاموس الحقد ما شاء لنفسه، حتى بدا كمن يحمل همًّا قديما يتطلب أن يُفرِّغه في هيئة مقال. وما علم أن المقال إذا انفصل عن السكينة انقلب صهيلًا أجوف لا وزن له.

وليس من العدل — في ميزان الرؤية الراجحة — أن يُزْجَرَ رجلٌ بقَدْرِ الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بما نفخ فيه محمد ولد زيني من ريحٍ حاقدة، ولا أن تُختزل سيرةُ الرجل في ما يتخيله خصومه، فإن للرجل موطئًا في التاريخ، وله أثرٌ في العمران، وله مواقفُ لا يُنكِرُها إلا من جحد الشمس وهي في كبد السماء. أما جعلُه متكأً للسخرية أو مرتعًا للاتهام، فذلك مما لا يلتئم مع نزاهة المنطق ولا مع مروءة الرأي.

ثم إن تسفيلَ أنصاره، رجالًا ونساءً، ليس من النقد في شيء، وإنما هو مصادرةٌ للحق في التعبير، وإهدارٌ لقيمة الوفاء، وغمطٌ للناس حقوقهم. فهؤلاء — وإن تباينت مشاربهم — إنما جمعهم الثبات على ما يرونه حقًا، وما اجتمع قومٌ على نصرة رجلٍ إلا لِيقينٍ استقر في ضمائرهم، لا لأجرٍ يُدَّعى ولا لذُلٍّ يُتوَهَّم. وإن تصويرهم بغوغاء أو دهماء لا يزيد المشهد إلا انكشافًا، ولا يترك للكاتب إلا أن يُعْرَف من خلال ضيق صدره.

وما كان للرئيس محمد ولد عبد العزيز أن يُهان بإشارة، أو يُنتقص برمية، فالرجل — مهما اختلف الناس حوله — صاحبُ أثرٍ لا يُمحى، وصاحبُ تاريخٍ لا يُزوَّر. وما الأقدارُ التي مرّ بها إلا امتحانُ الزمان لرجاله، وتمييزٌ للخيط الأبيض من الأسود، وقد علم الناس أن مقام الرجال لا يُقاس بالشائعات، ولا تُنْقَضُ سِيَرُهم بسياطِ كتاباتٍ مُتَعَجِّلة.

وأما حديث محمد ولد زيني عن زَعْمِه المعرفة بالمحاظر، وعن تسديده سهام النقد إلى من ليس له بهم عهد، فذلك مما يَشهد على صاحبه لا على من يهاجِم. فاللغة التي نَفَخ فيها عُبُوسَ الغِلّ ليست لسان المحاظر، ولا هَدْيُها هَدْيُ أهلِ القرآن، ولا منطقُها منطقُ من رُبُّوا على آداب التحقيق وتمحيص البينة.

إن ردّنا على محمد ولد زيني ليس رَدًّا للخصومة، بل ردٌّ للميزان إلى اتزانه؛ بيانٌ أن الحق لا يُؤخذ من الصراخ، وأن المروءة لا تجتمع مع الازدراء، وأن الحكم على الرجال لا يكون بالهوى، وإنما بميزانٍ تتقوّم به الحقائق. وقد آن للكاتب أن يُدرك أن التهويل لا يصنع رأيًا، وأن قسوة العبارة لا تُشيّد حجة.

فلتعلم — يا محمد ولد زيني — أن مقام الرجل لا يُهْدَرُ بفقاعة مقال، ولا تُطمسُ سيرته بسيل من عباراتٍ تتهاوى تحت محكِّ التدقيق. وأن أنصار الرئيس محمد ولد عبد العزيز — رجالًا ونساءً — لم يجتمعوا على فراغ، بل على إرثٍ يعرفونه، ومسارٍ عاشوه، وولاءٍ لم يأتهم عفو الخاطر.

وفي الختام، نسأل الله لك — يا محمد ولد زيني — هدايةً تردّ عنك غوائل التسرع، وتفتح بصيرتك للإنصاف، وتُريك من الحق ما تُنْكرُه النفس إذا غلبها الغضب، فما خاب من سأل الله رشدًا، ولا ضل من آثر الحق على الهوى.

والسلام.

من ص/ المدون Brahim abdellahi