
بنشاب : ٠مواقع المسؤولية و لقد وقف محمد ولد عبد العزيز الشهم شامخًا في مواقع المسؤولية، شامخًا في الحقّ، لا يطغيه الشكّ، ولا يثنيه غياب الثناء، رجلًا اجتمع فيه الوفاء للوطن مع الصرامة في الموقف، رجلًا عرف كيف تكون الدولة جسدًا متينًا يسير بمبادئ، لا بمصالحٍ عابرة، ولا بأهواءٍ متقلبة. وحين أدار ظهره عن السلطة، وسلم مقاليدها في يوم مشهود، كان الظنّ أن الدولة ستظلّ متماسكة، وأن القيم والمبادئ ستبقى حية في ميادين الحكم.
لكن ما إن رحل Mohamed Abdel Aziz الشهم عن المشهد، حتى ظهر هشاشة ما بعده، وسقطت الثوابت في غيابها، وتهاوت الأخلاق كما ينهار رخامٌ لم يثبت على أساس متين. صار المشهد بعده مجالًا للفوضى والولاءات القبلية، وارتكزت مفاتيح الدولة في أيدي من لم يكتسبوا معنى المسؤولية، ولم يعرفوا صيانة العدل.
لقد أظهر غياب محمد ولد عبد العزيز الشهم بشكل جليّ أن القيادة ليست مجرد منصب يُسلم أو يُؤخذ، بل هي ممارسة متأنية للقيم، واستحضار دائم للمسؤولية. فبعده، تلاشت معاني النظام، وتقهقرت مواقف السلطة أمام شهوة النفوذ والهوى، حتى بدا الوطن كأنما فقد بوصلة الحق والعدل، وبات عرضة للتجزئة والانقسام، إذ احتلت القبيلة والعشيرة ما لم يقدر عليه الفساد الأدنى.
محمد ولد عبد العزيز الشهم، برغم رحيله عن السلطة، ظلّ عنوانًا للعزّ والوفاء، ظلّ رمزًا لمن يعرف أن قوة الدولة في التزامها بالمبادئ، وليس في التفريط في القيود والعهود، وليس في من يتهاون بالمسؤولية أو يفرط في القيم.
ويبقى محمد ولد عبد العزيز الشهم حاضرًا في الذاكرة الوطنية، عنوانًا للشجاعة والحزم، وشاهدًا على أن الدولة التي تقوم على العدل والثبات لا تهتزّ بالرحيل، بينما الذين يأتون بعده يكتشفون كم هو عظيم صمام القيم الذي كان يحفظه، وكم هو ثمين أثر القيّم في صون الوطن وحفظ كرامته. فليظل اسمه خالدًا، محمد ولد عبد العزيز الشهم، في صفحات التاريخ، مرجعًا لكل من يريد أن يعرف كيف تكون الدولة حقًا، لا مجرد اسمٍ على ورق، وكيف تكون القيادة شرفًا ومسؤوليةً، لا مجرد كرسيٍ للسلطة.

