
بنشاب : في زمنٍ تتقلب فيه المواقف كما تتقلب الرياح، يظل بعض الرجال كالجبال، لا تزعزعهم العواصف ولا تغريهم المغانم، لأنهم استقرّوا على مبدأٍ لا تَسْتَزِلُّه المصالح ولا تُرهِقه الضغوط. ومن أولئك الأفذاذ، سيدنا عالي ولد محمد خونه، رجلٌ تماهى في معنى الثبات حتى صار له اسماً ومعنى.
لم يكن سيدنا عالي ابنَ ظرفٍ سياسي ولا نتاجَ مصلحةٍ عارضة، بل كان صوتَ الضمير حين خرس الكثيرون، وظلَّ يمشي بثقة الصادق لا يلوِّن مواقفه بلون المرحلة، ولا يُقايض قناعته برضا السلطان. حمل الأمانة كما يحمل المؤمن صلاته، بعزمٍ مطمئن وصدقٍ لا يعرف الالتواء. وفي حضرة الحق، كان راسخاً كأنما وُلد من صخرٍ يعرف هيبة الوقفة وشرف الكلمة.
إنّ التاريخ لا يخلّد الكثرة، بل يخلّد من يُقيم في ضميره العدل، ويُقيم في مواقفه الإخلاص. وهكذا سيبقى سيدنا عالي ولد محمد خونه، شاهداً على أن المروءة لا تُورَّث، بل تُكتسب بثمنٍ باهظٍ من الصبر والصدق والثبات.

