فارس العدل وصريخ المهابة: محمد ولد عبد العزيز بين سَنا المجد و وهج العطاء....

أربعاء, 08/10/2025 - 20:08

بنشاب : للهِ دَرُّهُ من رجلٍ، تَجلّى في مَيدان السياسةِ كما تتجلّى الشَّمسُ في كَبِدِ السَّماءِ حين تَخِبُّ أنوارُها في الأُفُقِ، فلا يَرى النّاسُ غيرَها ضياءً ولا يُبصِرونَ سِواها سَناءً. خُلِقَ مُهابًا، نَشأ صَلبًا، وتَربّى على ثَرى العِزَّةِ والإقدامِ، لا تُرهبُهُ العواصفُ، ولا تُغويهِ سُرابُ الأهواءِ، فهو صَوتُ الضميرِ حين يَصمُتُ الزمان، وملاذُ الوطنِ حين يَضيقُ المكان.

محمد ولد عبد العزيز… اسمٌ يَرتجِفُ له سِياقُ التاريخِ هيبةً، وتَخضَعُ لهُ مفرداتُ البطولةِ إجلالًا، فكم من ليلٍ حالِكٍ بدَّدهُ بنورِ حزمِه، وكم من مِحنةٍ عَصِيفةٍ جَلَّلَها بثَوبِ حِكمتِه. هوَ رجلٌ يَسيرُ بينَ الناسِ بسكينةِ الأبطال، لا تُغريهِ المظاهرُ ولا تُقيِّدهُ الألقاب، لأنَّ المهابةَ عندهُ ليست صَدى لسلطةٍ زائلةٍ، بل مَلكةٌ فطريةٌ انغرست في سُلالته كما يَنغَرِسُ الطِّيبُ في الطِّيب.

في حضرتهِ تَتراجعُ الصِّغارُ عن جلبةِ البغضاء، وتَنكفئُ الألسُنُ عن لغوِ الحَسد، لأنَّ الهيبةَ فيهِ ليست مَصنوعةً من حديدٍ أو قَهرٍ، بل من رُوحٍ واثقةٍ، ونَفسٍ صَبورٍ على مكائدِ الدهر. هوَ الذي نَذرَ عمرَهُ لبناءِ وطنٍ يُعانقُ المستقبلَ من شُرفاتِ العزَّةِ، وشادَ صروحًا من المؤسساتِ والكرامةِ، ليبقى الوطنُ كقلعةٍ لا تَهتزُّ مهما عَصَفَت بها الأهواء.

في حديثِ الشرفاءِ عنهُ يُقال: “هوَ السيفُ إذا سُلَّ من غِمدِ الحق، لا يَرتدُّ حتى يُبيدَ الباطل”، ويُقال أيضًا: “هوَ الذي جَعَلَ من الصَّمتِ جُودًا، ومن الحزمِ عدلًا، ومن العدلِ حياةً”. فحُبُّهُ في القلوبِ ليس نِتاجَ دعايةٍ، بل نِتاجُ سيرةٍ تُروى بماءِ الوفاء، وتُزخرفُ بأحرفِ النُّبل.

سلامٌ على من صَنَعَ المجدَ بجهده، وأقامَ للهيبةِ صَرحًا لا تُهَدُّ أركانُه، سلامٌ على الرئيس الشهم، على البطل الذي لم يَعرفِ الانحناءَ إلا لربِّ السماء. يبقى محمد ولد عبد العزيز نَجمةً لا تُطفِئُها العواصف، وصوتًا لا يُسكِتُهُ الضجيجُ، ورمزًا خالدًا في ذاكرةِ من يُدرِكونَ أنَّ العظمةَ لا تُشترى، بل تُكتَبُ بماءِ المواقف.

 Brahim Abdellahi