
بنشاب : في زمنٍ تتسارع فيه وسائل الاتصال، وتزداد فيه أهمية الحضور الرقمي للمؤسسات الإعلامية على المنصات الاجتماعية، أصبحت مسألة حماية الهوية الرقمية من الأولويات القصوى. فمع تزايد انتشار الحسابات الوهمية والمنتحلة لأسماء مؤسسات إعلامية معروفة، بات خطر التشويش على الرأي العام، وتضليل المتابعين، وتشويه سمعة الجهات المهنية خطرًا حقيقيًا يهدد المصداقية وكرامة المهنة الإعلامية.
إن إنشاء حسابات مزيفة تحمل أسماء مؤسسات إعلامية رسمية، او تحوي اسم المؤسسة اضافة كلمات أو رموز للتموية، أو تستخدم شعاراتها وصورها بهدف الاحتيال على الجمهور أو نشر معلومات مغلوطة، لا يندرج فقط في إطار السلوك غير الأخلاقي، بل يُعد جريمة تمس الثقة العامة وتضرب في صميم مفهوم الإعلام المسؤول.
فالمتابع حين يرى اسم مؤسسة معروفة على منصة ما، يفترض حسن النية ويثق بالمحتوى المنشور، مما يجعل أي انتحال للصفة خيانة لهذه الثقة، وعدوانًا مباشرًا على الملكية الفكرية والسمعة المهنية.
وفي ظل هذا الواقع، تقع مسؤولية مضاعفة على عاتق الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهابا) والجهات القضائية المختصة، لاتخاذ إجراءات صارمة وسريعة ضد كل من يثبت تورطه في مثل هذه الممارسات.
فمن الضروري الضرب بيد من حديد على كل من يعبث بهوية المؤسسات الإعلامية أو يستغل أسماءها في أغراض شخصية أو سياسية أو تجارية غير مشروعة، لأن التساهل مع هذه الظاهرة يفتح الباب أمام فوضى إعلامية تضرب ثقة الجمهور في العمل المهني برمته.
كما ينبغي على المؤسسات الإعلامية نفسها أن تكون أكثر يقظة ومسؤولية رقمية، من خلال توثيق حساباتها الرسمية، وإطلاق حملات توعوية تنبّه الجمهور إلى القنوات الحقيقية للتواصل معها، وتُبلغ الجهات المختصة فور رصد أي حسابات منتحلة. فالإعلام، بصفته مرآة المجتمع وصوت الحقيقة، لا يمكن أن يؤدي دوره إلا في بيئة يسودها الوضوح، والمصداقية، وحماية الملكية الفكرية.
إن الدفاع عن المهنة اليوم لم يعد مقتصرًا على دحض الأخبار الزائفة أو تصحيح المعلومات فقط، بل بات يشمل حماية الهوية المؤسسية من العبث الرقمي، وصون الصورة التي بُنيت على مدار سنوات من العمل الجاد والمصداقية.
ومن هنا، فإن مواجهة ظاهرة انتحال الصفة ليست مجرد خيار، بل ضرورة مهنية وأخلاقية لحماية الإعلام من التزييف، وحماية المجتمع من التضليل.
