رؤية و موقف  الحوار: المنطلقات والأهداف 

جمعة, 28/02/2025 - 00:20

بنشاب : الحوار أسلوب مدني رفيع لإيجاد القواسم المشتركة للتعايش والتفاهم، وخلق أرضية مشتتركة قادرة بصلابتها ومتانتها أن تستوعب كل الأطياف لانصهار الجهود في بوتقة واحدة للناء الوطن وتذليل الصعوبات والعراقيل التي فرضتها مراحل التطور وتراكم الخلافات البينية.
على قدر الإيمان بهذه الأهداف والسعي الحاد لبلوغها، تكون أهمية الحوار وضرورته وشموليته سعيا لخلق إجماع وطني يشكل ميثاق شرف يتعهده الجميع ويلتزم به، دون إقصاء لطرف أو تهميش لآخر، ووفق أهداف جادة وحقيقة لبناء وطن سليم على أرضية تسعه وتستوعبه.
ومن هذا المنطلق، نرى أن الحوار الجاد مطلب جماهيري لا يمكن أن يخالفه ولا يحيد عنه إلا من يستبطن االعداء للوطن بقصد أو بغير قصد، أو من تملكه الاستبداد وسيطرت عليه نظرية الإقصاء لتأمين مصالحه الذاتية، بعيدا عن المصلحة الوطنية الجامعة والمؤمنة لجميع حقوق الوطن والمواطن.
  لكن هناك منطلقات ضرورية لإبداء حسن النية والتعبير عن صدق الأهداف، وفي مفدمة هذه المنطلقات: 
1- إطلاق جميع سجناء الرأي السياسي، وفي مقدمتهم الرئيس المستهدف محمد ولد عبد العزيز وتمكينهم من التعبير بحرية عن آرائهم فيما يكفله الدستور وتنص عليه القوانين والنظم المعتمدة رسميا في البلد.
2- ترخيص جميع الأحزاب التي استوفت جميع الشروط القانونية المعلنة والمعبر عنها في ورقة التعهد لوزارة الداخلية، وفي مقدمة هذه الأحزاب: حزب الرݣ، وجبهة التغيير الديمقراطي والحركة الشعبية وجميع الأحزاب المعطلة والمستوفية للشروط القانونية، والقادرة على إثبات جدارتها بالعمق الجماهيري والتزام الأهداف الوطنية وما ستتضمنه ورقة الميثاق الشرفي المرتقب إصداره.
3- إعادة النظر في مشكل الهجرة على جميع مستوياتها، عبر مراجعة دقيقة وصريخة لبنود الاتفاقيات الارتجالية، وتقديم المصلحة العظمى للوطن، كمحدد لتفاصيل هذه الاتفاقيات، مع تحديد السعة القصوى التي يمكن للبلد تحملها، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، فإن تراعي هذه المحددات، فهي مجرد انقلاب اجتماعي في ثوب استعمار جديد واغتصاب وسلب أرض، تتمتع بكامل السيدة التاريخية والجغرافية والسياسية، على غرار وعد بلفور في إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق، ولنا أن نستلهم الدروس من التاريخ القديم والحديث.
لقد ظلت موريتانيا وجهة للمهاجرين من دول الجوار، وهذا أمر طبيعي ومستساغ، لكن أن تكون مكبا للهجرة غير الشرحية من جميع أنحاء القارات، وعبر اتفاقيات مجهولة الحال والمآل، فهذا لا يمكن أن يصنف في خانة وخيدة ووحيدة فقط: هي الخيانة العظمى للوطن. 
4- تحسين أداء منظومة الحالة المدنية ومراجعة كل التجاوزات التي حدثت فيها بدء من سنة 2020 وحتى الآن، فعذا السجل المدني هو الضمان الوحيد لنقاء المجتمع، والتحكم في طرق التعامل مع المهاجرين، بشكل قانوني سليم، يؤثر المصلحة الوطنية الكبرى ويضمن للجميع حقوق العيش في جو من الوقار والهدوء والطمأنينة لأجيال المستقبل، وتخليص الحالة المدنية من الاختراق والعبثية.
5- مكافحة الفساد وسوء التسيير الذين عبثا بمقدرات الدولة وسمحا بفتح الباب على مصراعيه للنهب والعبث بالثروات الوطنية برمتها، فكان سبيلا لخلق ثراء سريع وفاسد بمال فاسد، لا يمتلك مقومات الاستثمار ولا يقوى على الصمود في وجه المؤثرات التي تعصف بالكيان الاقتصادي ومؤسساته.
6- إعادة ترتيب أوراق المنظومتين التعليمية والصحية بامسات تحسينية تعيد لكل منهما هبتها ومصداقيتها وقدرتها على تحسين الأداء بالممكن والمتاح، ووضع حد نهائي لتعاطي الأدوية المزورة والعمل على تحسين خدمات المستشفيات والمؤسسات التعليمية.
7- إعادة بناء وتحسين الحالة الأمنية لتوفير الحد الأدنى من مقومات البقاء للمواطن، الذي أصبح يئن تحت وطأة الجريمة من عصب ونهب واغتيال، ولمنع انتشار المخدرات التي تعبث بالشباب وتحثهم على ارتكاب الجرائم بمختلف أنواعها.
والأمر نفسه بالنسبة للمؤسسة العسكرية، التي تتطلب بناء قويا ومتينا، يمكن القوات المسلحة من أن تكون قادرة على حماية السيادة الوطنية، برا وبحرا وجوا.

نعتقد جازمين أن النظام إذا كان جادا في طرح حواري وطني بناء ومفيد، أن يضع هذه المحددات طرحا واقعيا واستعجاليا، وإلا، فإن الحوار لا يعدو كونه مشاورات ثنائية أو ثلاثية، أو ما طاب للنظام اختياره لها، لكنه لن يكون أحسن منا تم بسالف الأيام دون جدوى، ليعيدن لنقطة البدء من جديد، أو محاولة لفك الارتباط الذي يتجسد بين القوى الحية في البلاد والساعية لتغيير منظومة الفساد وتعطيل عجلة التنمية، والرجوع بالبلد إلى الوراء مساهمة في تدميره وطمس معالمه.

الأستاذ/أحمدو بن شاش