بنشاب : بيان من حزب جبهة التغيير الديمقراطي حول الأيام التشاورية حول قانون الأحزاب (الحكامة السياسية)...
من حيث المبدإ,
نؤكد في حزب جبهة التغيير الديمقراطي على أن:
1- مشاركة حزب جبهة التغيير في الأيام التشاورية جاءت استجابة لمبدإ حزبي ثابت يُلزم قيادته ومنتسبيه بنهج التشاور والحوار سواء كان ذلك في ما بينهم أو مع الكتل والتشكيلات الوطنية الأخرى.
2- نظام الرموز الذي لم يستطع حماية الدستور ولا احترام القوانين، ما عدا قانون الرموز، لا جدوى ولا فائدة تنتظر من مراجعته للقوانين ولا من تحيينه لها خصوصا ما يتعلق منها بالانتخابات التي زورها بملء إرادته أو ما تعلق منها بقانون الأحزاب الذي عطل جملة وتفصيلا منذ 2019.
ملحوظات واردة :
حيث أن خطاب السيد وزير الداخلية والسيد الأمين العام للوزارة، مدير الورشة، تضمنا مغالطات مكشوفة وفاضحة وحيث أن الخطابين كشفا عن انهزامية وضبابية في الرؤية منقطعا النظير :
1- فإننا في جبهة التغيير نلفت انتباه الرأي العام الوطني إلى أن نظام وزارة الداخلية هو من عطل قانون الأحزاب ووقف عقبة في وجه كل الحريات الدستورية انطلاقا من حرية التعبير وحرية التظاهر ومرورا بحرية حركة المواطنين داخل الوطن وانتهاء بحرية الإنتماء لحزب أو إنشائه.. والأمثلة في هذا الصدد كثيرة ولعل أقربها الى ذاكرة الشعب هو حل حزب الوحدوي بأمر من وزير العدل لصالح القانون وحرمان الرئيس محمد ولد عبد العزيز من زيارة مدينة روصو في وضح النهار ودون أي مبرر او سند قانوني.
2- إن تبرير وزارة الداخلية لإشكالية عدم ترخيص الأحزاب السياسية وربطه بعدد الأحزاب وحرصها على وضع سقف قبْلي محدد، مخالفة بينة للدستور وتهرب واضح من مسؤولياتها في فتح المجال أمام طاقات المجتمع، يعكس منطق التقييد والتعسف الذي دأب عليه القائمون على شؤون البلد منذ 2019.
مشاركة حزب جبهة التغيير :
قدم حزب جبهة التغيير الديمقراطي مساهمة قوامها العدل والمساواة والعمل على حماية الحريات التي ينص عليها الدستور المستمد من الشريعة الإسلامية والتي تعتبر خلاصة مركزة لقرون من التجربة البشرية في مجال نظام الحكم والحكامة.
مساهمة تشخص الواقع، وترفض التقييد القبلي للحريات الحزبية وتظهر مخاطره وتخلص إلى ضرورة تحرير العقل الموريتاني ولا تعارض أي إجراء تنظيمي هدفه المحافظة على الدستور ومبادئه.
تتلخص المساهمة في نقطتين أساسيتين هما:
1- أن المعضلة التي تواجه الدولة الموريتانية وتحول دون ترسيخ النظام الديمقراطي لاتكمن في النصوص ولا في عدد الأحزاب وإنما في نظام ونهج الحزب الواحد الذي أسسه المستعمر في الأصل، بعد دراسة معمقة للمجتمع، من أجل التحكم في الشعب الموريتاني وتركيعه وتغييبه و وأد طموحاته و طاقاته الشبابية و لتركه يتخبط في ظلمات الجهل والقبلية والجهوية والطبقية المقيتة.
وإذا كان من الممكن تفهم أعتماد الدولة لحظة التأسيس لهذا النهج، على عكس دول الجوار قاطبة، فإن اعتماد نظام الرموز منذ ظهور مايسمى بالمرجعية لنهج ومنطق الحزب الواحد في القرن الواحد والعشرين ينم عن جهل كبير بواقع المجتمع الموريتاني اليوم وقراءة رجعية لمتطلبات العصر وتيه وتخبط عواقبهما وخيمة على المجتمع وعلى الدولة.واستهزاء بضرورة المحافظة على الوحدة الوطنية أبانت عنها الخطابات الجوفاء التي سرعان ما سيطر عليها فكر الحزب الواحد ونهجه.
نهج الحزب الواحد هو سبب كل الأمراض والفيروسات التي اكتسحت جسم الدولة ودمرت المجتمع منذ اعتماده من طرف نظام الرموز، هو سبب الفساد هو سبب المحسوبية هو سبب الفقر هو سبب تحكم التجار هو سبب البطالة وهجرة الشباب وفقدان الأمل في مسابقات نزيهة وشفافة، هو سبب التزوير، هو سبب التدخل في القضاء وفي كل شيء، هو قانون الرموز، هو سبب غياب تمثيل الشعب وهمومه، هو سبب خوف المواطن من دولته التي يفترض أنها تحميه، هو سبب موت الصحافة، هو سبب التخلف وتراجع الأخلاق وأخيرا، هو سبب ضعف المواقف في القضايا الدولية العادلة، وهو سبب ضعف وخراب الدولة وانكسار السيادة.
2- تبدأ الحكامة السياسية وتقتضي الحكمة المستخلصة مما سبق وضع حد نهائي لنهج الحزب الواحد. ولمفهوم حزب الدولة. ولايمكن ذلك إلا بحصول إرادة الإصلاح الجاد ولا يتأتى ان يحصل ذلك على يد نظام قبلي جهوي حتى النخاع.
تحرير العقل الموريتاني هو الهدف الأسمى الذي أسس له الدستور عبر جملة من الحريات يجب احترامها وتجب حمايتها ولايمكن تقييدها لمصلحة أي جهة كانت. كم قتلنا من أفكار كبيرة كان يحملها وطنيون حلمهم الوحيد هو النهوض بمجتمعهم وبأمتهم وكانوا على قدر كبير من الجدية والإستعداد للتضحية من أجل الوطن؟ كم ندفن الآن من مشاريع وطنية تواكب العصر ويحملها شباب طموح بكل طاقاته، يصنعها بأدوات عصره لمواجهة تحديات المستقبل التي تعنيه أكثر من أي جيل آخر ؟ مهندسون وأساتذة متخصصون ومفكرون ومحامون بارعون ونشطاء وطنيون نلزمهم بالانخراط في القبيلة أو الجهة طبقا لنهج الحزب الواحد، نقتل طموحهم أو نرغمهم على الهجرة أو السكوت والإذعان والخنوع والقبول بالأمر الواقع!!!
اي جرم نغترفه في حق أنفسنا بحرمان هؤلاء من تقديم آرائهم ومشاريعهم الوطنية في قالب شرعي معترف به خدمة للوطن وحفاظا عليه؟
أين العدل والمساواة في نظام قبلي إقصائي أسسه المستعمر لإخضاع الشعب ؟ هل يمكن للقبلي ان ينتقد الأحزاب الشرائحية ؟ الكل من مشكاة واحدة!
هل نحن عاجزون عن انتاج فكرة إصلاح واحدة لصالح مجتمع بدت الإنقسامات تهدده في كل مفاصله ام أننا اعتدنا الخنوع والذل ؟
كيف يعقل ان يخترق الدستور وتعطل القوانين وتحطم أحزاب سياسية فقط من اجل تعطيل الحقوق السياسية لمواطن بحجم رئيس سابق ذو تجربة وصاحب منجزات ملموسة فقط، لأنه لم يقبل بنهج الحزب الواحد وآثر العمل بكل جد وإخلاص من أجل بناء دولة ديمقراطية قوية مستقلة بعلمها وجيشها الوطنيين ينعم فيها المواطن بحرية التعبير وبحرية الموقف والاختيار السياسي ؟
إننا لانبحث عن أجوبة بقدرما نريد التنبيه إلى خطورة الوضع الذي أوصلنا إليه خيار نظام الرموز لنهج الحزب الواحد وما نتج عن ذلك من تزوير لإرادة الشعب وقمع وتكميم للأفواه وتعتيم على القضايا الوطنية الكبرى ولعل سرية إتفاقية الهجرة السرية هي آخر ما يمكن أن نستحضر في هذا الصدد.
يجب أن تستفيد كل المشاريع الوطنية من حقها في إطار شرعي تمارس من خلاله أنشطتها السياسية. ولا يتنافى ذلك مع رسم الشروط القانونية وتحديد دفتر التزامات واضح للمشاريع الحزبية بل ويتطلب التنظيم من طرف الجهة الوصية كل ذلك ولكن شرط أن يكون ذلك خدمة للدستور ولمصلحة الأحزاب التي يجب ان تعمل من أجل مصلحة الدولة.
ولا يجب أن تكون أدوات التنظيم لدى الجهة الوصية وسائل لمضايقة الأحزاب السياسية أو إقصائها.
وأخيرا ننبه إلى أنه:
لم تتح لنا الفرصة لإكمال مداخلتنا والتعبير عن رأينا كاملا لأن الوقت المحدد كان قصيرا جدا ولم يتم إشراك حزب جبهة التغيير في أي حلقة من حلقات التشاور، من التحضير حتي البيان الختامي وبالتالي لسنا ملزمين بمخرجاته ولا نستبعد ان يتم استغلال حضورنا إلى جانب كل التشكيلات السياسية الوطنية من طرف السلطة لتمرير أجندة تم تحديدها مسبقا كترخيص بعض أحزاب البيعة أو لتنفيذ بنود ميثاق مشبوه مع أحزاب التهدئة.
نواكشوط بتاريخ 15 مارس 2024
حزب جبهة التغيير الديموقراطي