على ضوء هذه العوامل يتحدد تاريخ انتهاء مداولات محكمة "العشرية" ....

سبت, 02/12/2023 - 10:00

بنشاب :  في حدود منتصف يوم الأربعاء 29 نوفمبر2023، أسدل الستار على آخر فصل تفاعلي من محاكمة "العشرية"، كفت ساعتان أو أقل المتهمين: محمد ولد امصبوع، محمد الأمين ولد بوبات، محمد الأمين ولد آلوكاي ويعقوب ولد العتيق لتقديم ما بقي لديهم من حجج وما يطلبون من المحكمة، ليحمد الرئيس عمار ولد محمد الأمين الله الذي بحمده تتم الصالحات، ويعلن عن ختم المرافعات ودخول المحاكمة مرحلة مغلقة تنعزل فيها هيئة المحكمة في المكان المخصص لمداولاتها، حيث ليس لقضاة المحكمة الخروج إلا بعد أن يتخذوا قرارهم ، وحيث لا يمكن لأي شخص كائنا من كان أن يدخل إليه لأي غرض بدون إذن رئيسها.

مؤشرات كاذبة:

إعلان الرئيس ختم المرافعات وانسحاب قضاة المحكمة إلى المكان المعد للمداولات، دون صدور توجيه بشأن إعادة المتهمين للسجن أو بقائهم حيث هم داخل القفص، ومن غير تحديد لتاريخ النطق بالحكم، دفع للاعتقاد بصدور الحكم خلال الساعات المتبقية من اليوم، أو في أولى ساعات اليوم الموالي، على أبعد تقدير.    

مؤشر عمد بعض الأهالي على أساسه إلى محاولة البقاء داخل قصر العدالة أو بالقرب منه، وعليه كذلك لم يبرح عدد من المحامين المكان بعد انسحاب المحكمة ليبقوا قرب موكليهم في اللحظات العسيرة لانتظار معرفة الأفق الزمني لصدور الحكم.

على خلاف العادة خرج موكب المتهمين قافلا إلى السجن من المدخل الجانبي للقصر. طريقة الخروج تلك تفسر العلاقة الطردية بين تأخر خروجهم ذلك اليوم، وبقاء أعداد مهمة من الأهالي في محيط القصر؛ حيث يبدو أن أولئك الأهالي انتظروا خروج الموكب للتأكد من عدم دنو النطق بالحكم، بينما انتطر الموكب تفرق الأهالي قرب المدخل الرئيسي للقصر، ولما طال بهم الانتظار عمدوا للخروج من المدخل الجانبي على حين غفلة من أولئك الأهالي.

أفق الانتظار

مع انقضاء يومين على بدء المحكمة مداولاتها خلف أبواب مؤصدة، دون صدور حكمها يتأكد النهج الاستقلالي لهذه التشكيلة في التعاطي مع مجريات محاكمة حبس الجميع أنفاسهم خشية أي خلل في ضبط إيقاعها.

المحاكمة التي كان ينتظر منها أن تكون خارج المألوف في تفاصيل يومياتها، جاءت الأهدأ في تاريخ المحاكمات الموريتانية، رغم استثنائية الملف المعروض أمامها، وخصوصية المتهمين المشمولين فيه، حتى إن الصخب الذي رافق الملف في بعض محطاته الأولى توقف دون سابق إنذار لحظة وصوله إلى المحكمة؛ احترمت التشكيلة توقيت بداية الجلسات وتوقيت الاستئنافات عقب كل تعليق، لم تشهد المحكمة مشادة بين رئيسها والمتهمين أو دفاعهم خارج المألوف، ولم تعرف قاعتها خروجا عن السيطرة رغم الحضور الكثيف لأنصار المتهمين. لقد بدا رئيس المحكمة ممسكا بإيقاعها، مكرّسا سياسة الهدوء واعتماد طول النفس في كل ما لا يشكل مساسا بهيبة القضاء وحسن سير العدالة.

  تحكم الرئيس في كل فورة غضب أصابت الدفاع وأفسح لهم المجال للعودة إلى القاعة بعد طلاقهم لها أكثر من مرة، لم تكن كل قراراته مرضية للنيابة ولا لفريق دفاع الطرف المدني، وتوج كل ذلك بتمكين جميع الأطراف من الترافع المتحرر من التقييد الزمني ومع قدرة منقطعة النظير على الإنصات والاعتناء بما يقدم من خلال تدوينه ومستشاريه لأهم ما تتقدم به الأطراف.

راعت المحكمة في ما تقدم ما اعتبرته شكليات مطلوبة، انتهت بها إلى مخالفة جميع التوقعات والتكهنات التي خمنت آجالا محددة لانتهاء جلساتها التي استمرت لأكثر من عشرة أشهر. وعلى ما يبدو ستظل وفية لذات النهج، فهي ستستمر في مراعاة الشكليات التى في مقدمتها العمل خارج ضغط عامل الزمن ، حيث ستحتاج لدراسة ملف من آلاف الأوراق، مؤكد أنها لم تجد الوقت الكافي لقراءته وتمحيص ما فيه كما يستحق بفعل ضغط مداومتها فى الجلسات التي خصص لها في بعض المراحل أربعة أيام في الأسبوع .أما جلسات تحقيق المحكمة وأسئلة النيابة ودفاع الطرف المدني والدفاع ومرافعاتهم وردودهم والردود عليها فأغلبها لما يرقن بعد وما زال بالخط اليدوي على سجلات كتابة ضبط المحكمة، ينضاف لذلك ما قدم من مذكرات ووثائق بما حوت من إحالات ستحتاج هي الأخرى إلى متسع من الوقت لقراءتها.

وفق المعطيات المتقدمة ستحتاج المحكمة موضوعيا لوقت لن يقل عن خمسة أيام إلى أسبوع لمداولاتها، خصوصا أن كل المؤشرات وما يتم تداوله بين المعنيين بالمحاكمة يدفع للاعتقاد أنها ستكون سيدة ما يصدر عنها من أحكام، أو على الأقل في الأغلب الأعم منها، يدفعها لذلك ما بذلت من جهد حتى الآن وما يحققه قضاتها بذلك من مصداقية يحتاجها بعضهم مع بداية مشواره المهني ولا يستغنى آخرهم عنها في مستهل وصولهم لمرتبة تقلد الوظائف السامية في البناء القضائي الموريتاني أو تهيؤهم للطموح لوظائف دولية يحتاج تقلدها سمعة يقوم عليها الدليل.

محدد سيكون له الحضور والتأثير في تحديد مدة المداولات، وهو ظروف الإقامة، وذلك في ضوء تبعية القيام على قصر العدالة لجهة غير المحكمة التي هي في وضعيتها هذه ضيفة زائرة مهما بلغت استقلاليتها تبقى في قبضة المزور، المعني على أقل تقدير باختيار توقيت إعلان الحكم في قضية رأي عام يحاكم فيها رئيس للجمهورية ظل وأنصاره يرونها محاكمة سياسية. 

موقع/ نوافذ