بنشاب : أثناء مرافعة من يسمي نفسه بلفيف الدفاع المدني، سمحت لي الفرصة بمتابعة مرافعة بعضهم من بين التسعة الذين عبروا، وكنت مستاء، لا لأنهم يرافعون ضد الرئيس محمد ولد العزيز، بل لمستواهم المتدني علميا ومهنيا وأخلاقيا.
فهم أولا، يعمدون لأسلوب بدوي يطبعه الجهل والغباء، إذ يتعمدون إقحام إساءات لفظية بوقاحة لا نعهدها في الشارع ولا في الأسواق، ليكون رد فعل رئيس المحكمة بكل هدوء يستبطن السرور: اسحبها فهذه ليست من الوقائع المدروجة أمامنا، فيسحبها ليعيدها آملا في سحبها ثانية، وهذه أصبحت سنة متبعة هدفها الإساءة للرئيس محمد ولد عبد العزيز بسبق إصرار وترصد، ولعلها هي المحور الذي يدور فيه الملف حول نفسه فيها، وهي المهمة التي تحملها أغلب اللفيف والمكلف بها رسميا ومحميا بالقوة والقانون لأدائها.
وهم ثانيا، يصورون الواقع الذي نعيشه الآن سياسيا واقتصاديا وأخلاقيا واقتصاديا، بكل تداعياته، فيسقطوا هذا الواقع بكل جراءة ووقاحة على حكم الرئيس محمد ولد العزيز، ومن يستجمع كبوات هذا الواقع المعيش، فلا يستغرب أن يخرج بحصيلة مأساوية في أدنى حدودها، فلا انجاز في البنى التحتية، ولا ماء ولا كهرباء، ولا صحة ولا تعليم، ولا أمن ولا جيش، ولا هبة محلية أو دولية، ولا معارضة ولا مولاة، وعقوبة ولا متابعة لناهبي المال العام وكل هذا يسقط على نظام العشرية والموجود منه حالا هو تبعاتها.
هذا سر الغباء الذي ذكرت، الذي يصل حد البلادة.
وهم ثالثا، عندما يتكلمون، يتكلمون بنفس الواعظ للقاضي، والمذكر له بالوعيد يوم يلقى ربه، فيقرأون ما تيسر لهم من آيات الوعظ والوعد والوعيد، وكأنهم يرونها أول مرة، أو هم لا يجيدون التهجي، أو أخذوها على سرعة، كأخذهم للآحاديث الضعيفة في متنها وسندها، لأنهم يقرأوا تخريجها ولا الأحكام المتربة عنها بمشهور المذهب واتفاق الجمهور.
وهم رابعا، ينتهزون فرصة غياب هيئة الدفاع، ليقولوا فيها من القول ما لم يقل مالك في الخمر، ويصفون انسحابها بضعف الحجة والهروب من الحكم المنتظر، وهذا مردود وفيه نظر، فاللفيف يعرف مستواه الحقيقي إلا من رحم ربي، ويعرف كيف وصل هناك، فما بين قاض عزلته فعاله، أو محام فشل في أدائه، مهنة وشرفا، والدولة مطمئنة لهم، لأن الحكم سبق التهمة والتهمة سبقت المتهم.
ومما ساءني أكثر، كلام المدعو ول الرايس عن المحامية القديرة زميلتنا سندريللا مرهج التي لا يدانيها شرفا وعزة وكرامة، ولا يقارن بها كفاءة ومهنية وأخلاقا، فقلت في نفسي متصرفا في قول حسان: أيهجوها وليس لها بكفء؟... ثم إنه لوألقى نظرة إلى بنات مجتمعه، لتردد ألف مرة في كلمة "سافرة".
كما حز في نفسي كلام المدعو عبد الرحمن عبدي، وعهدي به لا يكذب ولا ينافق ولكن لا خيار مع الزمان، ليس لأنه أخذ الساعة الثمينة، ولكن لدعواه، وهذه جديدة بمرتبة الابتكار، أن الساعة أخذها الرئيس عزيز وهي الآن في محجوزاته، طبعا طلب القاضي منه سحب تلك العبارة، لا لأنها إساءة، ولا لأن الساعة ليست في المحجوزات، ولكن حفاظا على هيبة القضاء من الفضائح، فقصتها معروفة حتى عند الحاضرين الذين خرجوا يرددون قاض الوقاته