بنشاب : جلسة استجواب رئيس جمهورية موريتانيا السابق #محمد_ولد_عبدالعزيز بقلمي:
بكلّ ما للتعبير من معنى،
برع القاضي السيد #عمار_محمد_الامين رئيس المحكمة الجنائية المختصة بجرائم الفساد في أداء دور القائد الأعلى للقوات المسلّحة القانونية المتمترسة في القاعة، كلٌّ في جبهته لفيف الغموض حول المسار المنتظر بعد انسحاب الدفاع السابق، وما تلاه من مبادرات تهدئة من هنا، وقيل وقال من هناك.
الاستجواب ولا شيء الا الاستجواب خطّة السير.
لا مرحبا، لا وقوف، لا ضجة، لااعتراض لا امتعاض ولا سلام ولا كلام نفع معه.
قالها بالفِعل لا بالحرف، وفي لحظة مفصلية من هذه المعركة:" الأمر لي".
كان ذلك متوقّعاً عندي لسببين:
-الرئيس الامين ومنذ ان استهلّ الجلسة الاولى بهذه القضية، لم اره يوماً يفتح في الأوراق أمامه صفحة طواها. وكذا، في مسار القضية.
-ما لوت ذراعه يوماً مشادة كلامية،
فلا شكّ لن يلويها صمت.
والعودة الى حيث انتهى هو، جواب
والعودة الى حيث بدأنا نحن، جواب
جاء على لسان الرئيس عزيز الذي نفى كل التهم الموجهة له مذكّرا المحكمة بالمادة ٩٣ من الدستور وبان الاختصاص نظام عام وانها لم تفصل فيه.
وبين البدء والنهاية توحّد التسليم للقدر بلينِ المسلمين الصائمين، فاستُبدل الحبر الاسود بالازرق
والازرق بالرمادي.
قادها الامين مواجهاً القائد العزيز
مشهد سوريالي فعلاً اتّسم بدقة الموقف.
تكلّم الرئيس عزيز بالارقام لا بالاحرف شارحاً ما كان عليه القطاع العام عندما تولى السلطة وما آلت اليه عند تسليمها. استمعت له المحكمة ولم تقاطعه سوى بالملاحظة للتحدث ببطء حتى يتسنى لكاتب الضبط التسجيل على المحضر.
نشرت الصحافة الموريتانية الارقام بدقة وهذا لافت وشفاف، ولن اكرره مع التذكير اني لست في تدويناتي على الصفحة هنا بكاتبة لمقالة صحفية
او بناشرة لمراسلة اعلامية.
تحدث الرئيس عزيز بصوت عال، واثق، صلب، وبحرقة قلب بدت واضحة في حدّة حركة يده وهو يؤكد للمحكمة على التدوينات الرقمية في مفكرته.
لفتني ان الرئيس عزيز لم يشح نظره عن نظر رئيس المحكمة اثناء كلامه كَمن وجد في وجه الآخر واحة وطن وساحة شعب لا ارض معركة.
كان موقفاً من حيث الشكل مؤثراً بالنسبة لي بالمفهوم السياسي كابنة جمهورية عربية، ومحترماً بين الرجلين.
يصدق القول أن طينة الرجال في مواقفها ايام الشدّة. وعزيز في شدّة، عزاها الى اشخاص متمولين يثأرون من مكافحته الفساد ويؤكد "اريد للشعب الموريتاني ان يعرف".
لم يذكر احداً منهم بالاسم وهو المتأكد ان القاضي يعلم.
قلت له في لقائي معه اليوم : لم تسمّي احداً. فأجاب « Ils les connaissent »
صراحة لم أحسد أيّاً منهما على موقفه.
في الجانب الآخر، وقف وكيل الجمهورية القاضي السيد #محمد_عبدالله_المصطفى مستمعاً بإنصات لكلمة المتّهم الذي اتّهمه.
وبحسب متابعتي لمسار مرافعاته في المسائل القانونية والدفوع التي أثيرت في الجلسات الماضية قبل
البدء في الاستجواب، إنّه قاضي يبحث في الاستثناءات ولا تستوقفه العموميات.
وكلمة الرئيس عزيز اختصرت عموم عشر سنوات حكم، بتفاصيل رقمية استثنائية لا تكفي لتعداد الانجازات التي تفوق حتماً الاتهامات.
فحرص الوكيل على تدوين بعضها.
ما وجدت في قراءة اللحظة،
وعلى قدر اهميتها، عظَمة لجهة، ولا انكسار لطرف.
بعضٌ من اللوحات الزيتية العصرية في فن الرسم التشكيلي الحديث المجهول المصدر التي تتشابك فيها الالوان والخطوط والدوائر، وتنسكب عبوات الدهان عشوائياً على مسطرة خشبية، وكلٌّ يأتي ليقرأ المبنى على ليلاه، فيما اللوحة في متحف على قارعة طرق، تُقدّر بملايين الدولارات ويُكتب تحتها على بلاط أسود "تاريخية" .
انهى رئيس جمهورية موريتانيا السابق كلمته مؤكدا للقاضي الامين انه على اتم الاستعداد للجواب على كلّ الاسئلة التي تُطرح عليه. وعاد لموقعه يسير بخطى بطيئة.
وإن دلَّ على شيء في علم النفس هو الجهوزية دون الحاجة للهروب.
استُدعى في الجلسة شاهدين احدهما حمل صفة رسمية كوزير سابق للتهذيب والاخر مدنية كرجل اعمال صديق قديم وداعم لعزيز.
نناقش الإفادتين أمام المحكمة وفي المرافعات، فلن اكشف تحليلي وتعليلي لها الآن،
لكن بالمحصّلة، عزيز بريء.
لم تنشر الصحافة تفاصيل الاستجوابين بدقة لأسباب لا شكّ انها متعددة، على امل ان يستعيض الدقة محضر الضبط الذي ما كلّ كاتبه من التدوين في مهمة صعبة استوقفني فيها عدم تبديل الكتّاب.
رُفعت الجلسة إلى الاثنين المقبل، وخطة السير حتماً يقودها الرئيس الأمين وهنا استذكر خلاصة في اطار محاضرة لي حول الشؤون الادارية القانونية في المسار العسكري
" مَن يرسم خطة السير، لا بد ان يكون قائداً استراتيجياً، أمّا مَن يقودها فلا بد ان يكون قائداً تكتيكياً، والذي ينجّحها فقوات مسلّحة، والذي يبدّلها فحتماً قائداً أعلى والقيادة العليا يقودها القانون والقانون تقوده الاحداث"
#نواكشوط ٧/٤/٢٠٢٣
ملاحظة١- لم اجد صورة للرئيس الامين
٢-يرجى التعليق بأدب، والا الحظر ..