بنشاب : من المذموم أشدَّ الذَّم والمستقبح أعظم الاستقباح ما نراه ونسمع به من إضاعة المال على وجه الرِّياء والمباهاة في أجواء المعاصي والمنكرات على أنغام التافهين بأيدي أَكلة المال العام، وسَدنة الصَّفقات العمومية، وأبناء مشايخ التَّصوف المادِّي الآكلين أموال الناس بالرُّقى الباطلة ومفسدات العقائد.
ويزيد المشهدَ سوءًا ما نراه من أجواء الفاقة والإملاق والتقلُّب على فُرُش الأوجاع والأحزان التي يشكوها كثير من الناس ..
ولا بدَّ مِن شَكوَى إلى ذي مُروءةٍ..
يُواسيكَ أو يُسليك أو يتوجَّعُ.
إنها أجواء تدعو إلى ضرورة العودة إلى تحكيم الشريعة التي تحرِّم الإسراف والتبذير ، وتجعل مَن يُضيِّع المال ويبذله في المعاصي ويتباهى بإتحاف التافهين به سفيها ليس عنده من الرشد مُتَمسَّك.
ولو كانت الشَّريعة مطبَّقة لحُجِر على أولئك السُّفهاء صغارا كانوا أو كبارا ولو كانت أموالهم حلالا ، فكيف وأجواء تُهمتِهم غائمة ، وأدلَّة سفاهتِهم قائمة..!؟
وقد قرَّر العلماء من المالكية وغيرهم الحجر على مال الصغير السفيه من قِبل وليِّه أو الحاكم، والحجر على أموال الكبير السفيه من قِبل الحاكم ..فدلَّ ذلك على ضرورة الحكم بالشريعة والتحاكم إلى القضاء الإسلامي.
قال ابن المنذر: "أكثر علماء الأمصار من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر يرون الحَجر على كل مضيِّع لماله صغيراً كان أو كبيرا"
وقال ابن قدامة: "قال أكثر أهل العلم والإنسان إذا كان يُنفق ماله في المعاصي كشِراء الخمر وآلات اللهو، أو يُتوصَّل به إلى الفساد، فهو غير رشيد لتبذيره ماله، وتضييعه إياه في غير فائدة"
وقد ذمَّ العلماء المباهاة في عمل أصله طاعة ، كما روى مالك في الموطإ بسنده عن أبي أيوب قال: "كنا نضحِّي بالشاة الواحدة يذبَحها الرجل عنه وعن أهل بيته ، ثم تباهى الناس بعد فصارت مباهاة"
فكيف بالتباهي بالإسراف في مناسبات النِّفاق ولقاءات التبرُّج ومجامع التَّافهين..!؟
وإنَّ من العَجيب تجاوز هذا الحكم إلى ما هو أعظم ..حيث نَجد مَن يُدافع عن الديمقراطية الباطلة وحقِّ التَّرشُّح والتعبير لهؤلاء السفهاء والقرآن يقول: (ولا تُؤتوا السُّفهاءَ أموالَكم..) فكيف يُعطَون حقَّ الوصول إلى الحكم ، فلا يتحكَّمون في الأموال فحسب وإنما في كلِّ السُّلطات ليُفسِدوا البلاد ويُهلكوا العباد..!؟