بنشاب : 1-المراقبة القضائية إجراء احترازي يمكن اتخاذه أثناء مراحل التحقيق تحديدا، ويتخذ ويلغى من طرف قاضي التحقيق حصرا، طبقا للمادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه: (يمكن أن يوضع المتهم تحت المراقبة القضائية في أية مرحلة من مراحل التحقيق... يصدر قاضي التحقيق بشأن الوضع تحت المراقبة القضائية أمرا يبلغه في الحال... يمكن لقاضي التحقيق إلغاء الوضع تحت المراقبة تلقائيا أو بناء على طلب النيابة العامة أو المتهم أو محاميه)، وعندما يتملص المتهم من تدابير المراقبة القضائية تشعر السلطة المكلفة بتنفيذها قاضي التحقيق فورا، طبقا للمادة 123 التي تقول: (وإذا تملص المتهم من تطبيق التدبير أو التدابير المفروضة عليه أشعروا قاضي التحقيق فورا)، ولم يعط القانون هذه الصلاحيات لغير قاضي التحقيق، ومن المعلوم أنه لا قياس في قانون الإجراءات –كما قالت النيابة العامة في بيانها- أحرى إذا كان قياسا مع وجود الفارق.
2-لم يعط قانون الإجراءات الجنائية صلاحية اتخاذ أمر بالمراقبة القضائية أو بإلغائها أو بمراقبة تنفيذها لمحكمة الإحالة ولا لأية جهة قضائية أخرى غير قاضي التحقيق، بخلاف الحبس الاحتياطي الذي نص القانون على استمراره بعد ختم التحقيق، بقول المادة 179 من ق ا ج : (فإن المتهم الموقوف يبقى محبوسا احتياطيا)، وقول المادة 181: (يحتفظ أمر الإيداع أو القبض الصادر ضد المتهم بقوته التنفيذية)، وأعطى لمحكمة الإحالة اختصاص رفعه والافراج بالمادة 144 من ق ا ج، ومن المعلوم أنه لا قياس في قانون الإجراءات –كما قالت النيابة العامة في بيانها- أحرى إذا كان قياسا مع وجود الفارق.
3-معنى هذا أن المراقبة القضائية تنتهي بأمر الإحالة، وتعود للمتهم حريته التي هي الأصل، وقد نصت المادة 10 من الدستور على أنه لا تقيد الحرية إلا بقانون، ومادام القانون لم ينص على استمرار المراقبة القضائية بعد الإحالة ولم يعط صلاحية مراقبة تنفيذها أو رفعها لمحكمة الإحالة كما فعل مع الحبس الاحتياطي، فإننا نبقى على الأصل الذي لا يزول إلا بنص، ومن المعلوم أنه لا قياس في قانون الإجراءات –كما قالت النيابة العامة في بيانها-أحرى إذا كان قياسا مع وجود الفارق.
4-القول إن القانون لم ينص على أن المراقبة القضائية تنتهي بالإحالة، وبالتالي فهي مستمرة رغم النصوص أعلاه، هو كالقول إن الأمر بألا وجه للمتابعة لا ينهي المراقبة القضائية، لأن المادة 177 تحدث عن اطلاق سراح المحبوس احتياطيا، ولم تتحدث عن انهاء المراقبة القضائية، وذلك بقولها: (... إذا رأى قاضي التحقيق أن الوقائع لا تكون جناية ولا جنحة ولا مخالفة، أو إذا بقي مرتكب الجريمة مجهولا أو إذا لم توجد أدلة كافية ضد المتهم يصدر أمرا بأن لا وجه للمتابعة. ويطلق سراح المتهمين المحبوسين احتياطيا)، ومن المعلوم أنه لا قياس في قانون الإجراءات –كما قالت النيابة العامة في بيانها-أحرى إذا كان قياسا مع وجود الفارق.
5-في القانون المقارن هناك مدرستان معروفتان بشأن المراقبة القضائية، مدرسة تبقي عليها بعد أمر الإحالة وتعطي صلاحية مراقبة تنفيذها ورفعها لمحكمة الإحالة، ومدرسة تجعلها لاغية بمجرد ختم التحقيق سواء بالإحالة أو بألا وجه للمتابعة، فلا تعطي صلاحية تنفيذها ولا رفعها لغير قاضي التحقيق حصرا، وأثناء مراحل التحقيق تحديدا، وهو ما فعله القانون الموريتاني، ولو شاء لأتبع المدرسة الأخرى، فلاتفسدوا علينا قواعد القانون العامة والمجردة، بمئارب السياسية شديدة التحول والتغير.