بنشاب : المجتمع الذي ينكر وجود العبودية في ظل أنظمة حاولت جاهدة ( وللأمانة كل الأنظمة حاولت ذاك دون استثناء) سن القوانين التي تجرم ممارسة العبودية و تعمل على قتل بذور العنصرية بشتى أنواعها، مازال بعض الشباب فيه يتجرع مهلوسات الماضي الاستعبادي السحيق لأسلافه، و يغفو في عز صحوه في واقعه البائس على شعور استعلائي مستمد من ذلك الماضي المخجل..
يتجلى ذلك في الكثير من الصور الواقعية العصية على النكران و الإخفاء، على سبيل المثال تلك العبارات التي تصدر عن المثقفين و التنويريين في مجالسهم العائلية والقبلية، حين يحدثون عن شخص باستهزاء مستدلين بجدته السمراء المنحدرة من محيطهم! أو مدعين تعبيده بسبب خؤولة محتملة له من أرقاء سابقين لأسلافهم!
على سبيل المثال لا الحصر، إحدى تلك الصور تعكسها ردود أفعال حادة لبعضهم على كل من يتطرق لذلك الماضي أو ينتقد ممارساته، إنهم بمحاولتهم دفن جرائم العبودية التاريخية يتبنونها دون وعي و يدافعون عن مرتكبيها، من تلك الصور أيضا حنين البعض إلى المتاجرة بالبشر كالمعاملات السيئة التي تعامل بها بعض النساء أثناء صفقات الزواج المادي، إنهم يشترون الزوجات كما كان أسلافهم يشترون العبيد، يدفعون ثمنهن على رؤوس الأشهاد و بعد فترة قصيرة يرمون بهن إلى الشارع، فتحاولن الحصول على مشتر آخر يدفع مقابلهن من جديد.. ! تلك عبودية مادية من أفظع أنواع العبودية!
أما صورة الرجل _ ذلك الماجد_ الأسمر الشائب الذي يتبع الشاب الغر في حفلة تبذير ليتباهى بتعبيده مقابل الفتات الذي سيدفع له مقابل إهانته و مسيره خلفه كالحيوان الأليف _حاشاه_ فهي لقطة توجع البشري السليم و تقض مضجع الحر و تهين كرامة الإنسان الذي كرمه الله على كثير من خلقه، و لا شك لدينا أن أولائك الاستعباديين بالفطرة من ضمن تلك الفئة من خلق الله و التي كرم عليها الإنسان حين أفقدها إنسانيتها..
كل من يتباهى بماضيه الاستعبادي و بتراثه العنصري هو شريك في كل جرائم أسلافه و بذرة سامة في مجتمعنا الذي يسعى جاهدا إلى إرساء أسس التآخي و المساواة و تجسيد العدالة الاجتماعية.