بنشاب : لجهلنا و اندفاعنا تجلت لنا أخلاق فخامة الرئيس ولد الغزواني في مضايقة رفيق دربه، ومصادرة جميع أمواله، والتنكيل بحريمه، و تكسير منزله، و مضايقة كل مناصريه، وكان ذلك بدعوى مكافحة الفساد!
وعندما استنكرنا ذلك كانت قناعتنا توهمنا بأن الرئيس ولد الغزواني لم يكن جادا في حربه على الفساد، لكن الحقيقة حكت بعد ذلك شطرا آخر من القصة و هو أن تعيين الرئيس للمفسدين و إعادة تدويرهم و تسريحهم دون محاسبة ودون استرجاع للأموال التي نهبوها كان درسا في التسامح و الصبر و الحِلم و كظم الغيظ و انعكاسا للأخلاق و تجسيدا للتربية اللدنية التي من الله بها على فخامته.
لسذاجتنا كذلك و ظلامية بصيرتنا اندفعنا في تسفيه عدم سجن الرئيس لمن أفسدوا من العاملين معه لتبديدهم الأموال وسوء التسيير، وذلك رغم تفليس الشركات و الصناديق..
فما حدث للشركة الوطنية للماء و التي كانت تربو إيراداتها الشهرية عن المليار أوقية نهاية عام 2019 بينما أصبحت تعاني خلال الفترة الأخيرة من عجز مالي فادح حال دون دفع رواتب عمالها و فجر أزمات عديدة انعكست على خدمتها للمواطن! لم يكن ذلك إلا ابتلاء من الله واختبارا لدرجة إيماننا بالقدر خيره وشره، و لم نستوعب لقصور فهمنا سبب تغاضي فخامة الرئيس عن ذلك الفساد و سوء التسيير، الذي كان بمحض قوة الإيمان و كياسة ترويض النفس على تحمل كل ما كتبه الله على عباده!
أما الصناديق فالحديث عن نهبها لا يمكن حصره، ومثالهم ما صرح به الرئيس نفسه عن شبهات فساد شابت تسيير صندوق كورونا، و كان السبب في أننا لم نلحظ محاسبة و لا متابعة لمن كانوا يتولون تسييره و لم يعلن عن استعادة أموال من مسؤول و لا معاقبة مفسد، فذلك كان استراتيجية من القيادة الرشيدة للبلد لمكافحة الجائحة بتقديم تلك الصناديق صدقات عن صحة المواطنين، تطبيقا للتعاليم القرآنية التي أثرت في شخصية فخامة الرئيس و التي تقول بأن العفو أقرب للتقوى، و من المسؤولين الناهبين شيوخ ضعاف يعانون من أمراض مزمنة و منهم شباب طائش تعزيره قد يزيده في غيه و لا ننصح بذلك!
ولكم أن تقيسوا ما تظنونه فسادا وقع في بقية القطاعات و الميزانيات الضخمة على الأمثلة السابقة، فحين تبحثون بروية ستجدون ريح الأخلاق و بصمة التربية في كل مكان!
أما مطاردة فخامة الرئيس بأخلاقه وتربيته وشهامته و نبله كل مصادر تموين الغذاء اليومي لمنزل رفيقه و صهره و سلفه الذي سلمه الرئاسة واختاره دون غيره من كل المقربين منه ليخلفه!!
وحرصه على فصل كل المقربين منه من عملهم و سجن كل المدافعين عنه واستهداف كل من تربطهم به صلة قرابة أو معرفة أو صداقة! فذلك بسبب حرص فخامة الرئيس محمد ولد الغزواني على تزويد رفيقه بجزء من ما من الله به عليه من روحانية و تربية لدنية، ومن المعروف أن التربية الصوفية قد تستدعي في بعض الأحيان تعريض الشخص لبعض النكبات و المضايقات من أجل صقل نفسه من شوائب العجب و الأنانية و التسرع.. لذلك يمكننا اعتبار ما يمر به الرئيس السابق اليوم تداعيات ل(دخول الخلوة) بتوجيهات وإشراف مباشر من فخامة الرئيس ولد الغزواني..
بعد اكتشافنا لتلك الحقائق يتأكد لنا أن دفاعنا عن الرئيس السابق لم يكن واردا و بأن معارضتنا للنظام بسبب تفشي الفساد لم نأخذ خلالها تلك التفاصيل و الخفايا الأخلاقية بعين الاعتبار لذا قد لا تكون وادة هي الأخرى .. لكن لن يمنعنا ما سلف من التساؤل: هل ستتحقق التعهدات بهذه التربية و تزدهر موريتانيا بهذه الأخلاق!
فإن كان استهداف الرئيس السابق حتى في صغائر الأمور يشيد مجدا و التلفيق ضده يبني وطنا فالمجد لفخامة الصديق و الأخ و الصهر، رئيس الجمهورية بمجهوداتنا، و المتنفذ بفضلنا، و المُتملق له بسبب استهدافنا و تمكين الحاقدين علينا من مفاتيح زنازيننا ليشفوا دفين غليل لؤمهم و حنقهم!
المجد لتلك الأخلاق و الفصاحة و التربية و الكياسة و الحكمة ! و العار كله لنا.. فزمن الأخلاق لا تنضج فيه سوى ثمار المصلحة الشخصية و النفعية السياسية!