بواسطة هيئة الدفاع تقدم يوم أمس 15 /12/ 21 موكلنا الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بطلب للإفراج المؤقت موجه لفريق قطب التحقيق؛ وهو الطلب الخامس الرامي للإفراج المؤقت منذ إيداعه في محبس انفرادي بتاريخ: 22 /6/ 21 من قبل فريق قطب التحقيق تحت ذريعة مخالفته لبنود المراقبة القضائية، وقد استخدم الرئيس السابق حقه القانوني الذي منحه إياه المشرع بموجب المادة 144 من الإجراءات الجنائية؛ والتي تمنحه حق طلب الإفراج المؤقت خلال كل عشرين يوما من تاريخ رفض الطلب السابق.
وقد قوبلت كل طلبات الإفراج المؤقت الأربعة السابقة بالرفض، بحجة أنه لم يطرأ جديد يبرر الإفراج المؤقت حسبما يبرر به قطب التحقيق الرفض في كل مرة.
وبما أن إيداع الرئيس السابق في المحبس الانفرادي تم من قبل فريق قطب التحقيق بزعم تغيبه مرة أو مرتين عن التوقيع؛ مما رتب عليه القطب مخالفة لبنود المراقبة القضائية تستدعي وجوبا الحبس الاحتياطي، فإن السؤال الملح الذي يطرح نفسه خلال كل رفض للإفراج المؤقت: ما هو الجديد بالضبط الذي يريده قطب التحقيق أن يطرأ ليبرر قبوله لطلب الإفراج المؤقت عن الرئيس السابق؟
ويجب التنبيه في هذا المقام على الحقائق التالية:
- أن فريق قطب التحقيق يتجاهل الفرق بين وضعية المراقبة القضائية، ووضعية الحبس الاحتياطي. ذلك أن وضعية المراقبة القضائية تم تجاوزها حين أصبح الرئيس السابق في السجن بأمر إيداع صادر عن قطب التحقيق؛ وهو ما يرتب بقوة القانون انطباق المادة 138 من الإجراءات الجنائية التي تستوجب عدم اللجوء للحبس الاحتياطي، أو قبول الإفراج المؤقت، إذا لم يتأسس على إحدى الحالات الأربع التالية: خطورة الوقائع، الخوف من إخفاء الأدلة، الخوف من ارتكاب جرائم جديدة. وهي حالات يظهر تماما أنها لا تنطبق على حالة الرئيس السابق الذي يشهد الجميع أنه ظل يمثل أمام الشرطة، والقضاء بإرادته، وبمجرد استدعائه منذ اليوم الأول لتحريك هذه الإجراءات إلى أن تم إيداعه، والكل يعرف يقينا أنه ليس من الصنف الذي يهرب لأي داع كان، ومتمسك بالعيش في وطنه وبممارسة جميع حقوقه، وليست ثمة أصلا أدلة تستدعي الإخفاء، إلا تلك التي تثبت براءته وتتم محاولة إخفائها بسجنه، وإسكاته. أما خطورة الوقائع فلو كان لها محل من القول لكانت منطبقة في حق كل المشمولين في الملف، ولما طلبت النيابة أصلا المراقبة القضائية لكل المشمولين.
- أن المأزق القانوني الذي سبب الإيداع، ورفض الإفراج المتواصل، ورتب أيضا استحالة أن يطرأ جديد، هو أن قطب التحقيق في ظاهر الأمر لم يقرر الإيداع كحبس احتياطي، وإنما قرره كعقوبة على زعم مخالفة أحد بنود المراقبة القضائية، وبذلك يكون نصب نفسه محكمة إدانة، وحكم، وإن لم يحدد فترة العقوبة بتركها مفتوحة.
- أن العدالة، والمساواة في إعمال الإجراءات بين كل المشمولين أمر غائب تماما في هذه المسطرة؛ مما يعزز - ويبرهن بما لا يدع مجالا للشك- أن المقصود من هذه المسطرة كلها هو عزل الرئيس السابق عن الرأي العام، وإسكاته عن قول الحقيقة، وممارسة حقوقه المدنية والسياسية، ويؤكد أن المتابعة تمت بدوافع سياسية، وبافتعال، واستهداف، وفبركة من قبل أعداء، وخصوم سياسيين يقفون دائما أمام التقدم، وإقامة العدل بين الناس.
- أن مواصلة الحبس الاحتياطي، ورفض الإفراج المتواصل من قبل قطب التحقيق بمبرر مخالفة بند من الرقابة القضائية تمثل في حجة عدم التوقيع مرة أو مرتين، لا يبدو مقنعا على الإطلاق، ولا يخدم مستقبلا إمكانية القول بوجود، وتطبيق، سياسة جنائية عادلة، وثابتة على أسس قانونية قد تمثل مرجعا في تطبيقها.
- أن رفض قطب التحقيق لتطبيق مقتضيات المواد 146 – 148 من قانون الإجراءات الجنائية التي تتيح في أغلب الحالات الإفراج المؤقت مع اشتراط كفالة، أو ضامن إحضار؛ خصوصا أن ذلك الحق، وكل تلك الضمانات مؤكد تماما انطباقها على حالة الرئيس السابق، يعد تعطيلا لنصوص تجد محلا لتطبيقها، كما يعد حرمانا دون مبرر من حق تضمنه النصوص القانونية.
- أنه رغم مواصلة الحبس الاحتياطي دون مبرر فإن وجوب تسريع إنهاء التحقيق المفروض بقوة القانون طبقا لنص المادة 139 تحت طائلة مخاصمة قضاة التحقيق المعنيين لم يحترمه قطب التحقيق الذي يمكن القول إنه توقف منذ فترة عن أي إجراء يشير إلى تسريع التحقيق أو انهائه.
وعليه فإننا نأمل مع هذا الطلب الخامس، ومع الطعن في رفض الإفراج المنظور حاليا من قبل الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا، وغيرهما من الإجراءات، أن يتم تدارك وجوب انطباق النصوص القانونية بشكل متساوٍ، وعادل بين كل الأطراف والمشمولين، وأن يعمل القضاء على أن يكون بعيدا عن المواجهات السياسية والأهداف المغرضة.
الأستاذ أحمد سالم ولد محمد البشير
عضو هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز