بنشاب: مرير ومؤلم.. مظلم وممل مزمن، يُشعث الروح و يعصف ثلجه بالأحلام فيجمدها بلونها الرمادي في حدقات التطلع.. يبني الحواجز داخل شرايين المستقبل ويهدم أنفاق المحاولات و يجفف جداول التفاؤل والأمل..
ضياع البوصلة يسوق إلى متاهات التخبط و هدر المقدرات و عسر المخاض الذي يسفر في الغالب عن جراء الفشل الوديعة.
إن عمق الشعور بالوطن و الحرص على مصلحته يجعل غالبية هذا الشعب يعيش اليوم حدادا على آماله الجسام و أحلامه الفتية التي رفعوها ذات زمن على لافتات عريضة في مناسبات ولحظات شتى منها المهرجانات المغاضبة و المسيرات المؤيدة والمظاهرات المعارضة.. كان آخرها مهرجانات الحملة الانتخابية الماضية، حيث أسلمت تلك الآمال روحها لكتاب التعهدات و مرت كخيط دقيق علق ميالة خيبة أمل صفراء فاقع لونها بجيد الوهم..
لا شيء يطلبه هذا النظام من شعبه أكثر من عاهات العقل و الفكر و الضمير: الصمت، التغافل، المحاباة، التضليل و تحويل سكرات التردي إلى رقص بأسلوب FreeStyle و التصفيق بصفاقة و وقاحة.
نظامنا المبجل يجلس المنافق الفلاني على عرش المؤسسة الفلانية و يسجد أماجد الساحة الفلانية للمتملق الفلاني و يُعلي المحنط الفلاني الذي حطه تسييره و تاريخه الحافل بالسرقة و التحايل المنصة الفلانية.. وطبعا سيحضر في ذهن كل قارئ على حدة اسم مختلف ومنصب مختلف عن الآخر لكثرة الأمثلة و تنوع توزيعهم على مفاصل الدولة وتسيير الشأن العام ..
ثم يكملون سياسة السرك والتهريج بالقبض على أسود وحكماء هذا الشعب و سجنهم في أقفاص تخرج إلى الشعب كلما ضاقت به ظروفه المعيشية لينشغل بها و تستمر طاحونة الفساد في التهام كل ما طالته أنيابها ..
و من حين لآخر يُكشف الستار عن أحد الإنجازات مصلوبا على عيدان فشل ستأكلها دابة الأرض قبل أن يرتد إلينا طرف المأمورية الشاخصة و بنفس وتيرة نوبات الابتلاع التي تختطف الآن موارد البلد و أموال الشعب..
اطلقوا سراح الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز
اطلقوا سراح القاضي الدكتور أحمد ولد هارون