سيدي الرئيس ونحن الآن نموت عطشا بعد ان تعطلت سيارتنا وغارت أعيننا وغامت نظراتنا، سنخبرك بالحقيقة المرة، وهي اننا لم نعول على تدخلكم ولاعلى تحرك الطائرات والسيارات التي اشتريت بأموالنا وثرواتنا،في لحظاتنا الأخيرة هذه نسب فيما بيننا جميع ساسة البلد،وللأمانة لم نخصك بشيئ فما أنت الا حلقة من حلق السلسلة الطويلة،ستذهب أنت أيضا وسيسبك علانية أقرب المقربين منك وسيتبعون خلفك،فالرئيس هو الوحيد في موريتانيا الذي لايكرر جرائمه ولايمكنه ان يكون قاتلا متسلسلا،لأنه يختفي من المشهد عادة بعد الاطاحة به.
كنا شابين حالمين بوطن عادل وبفرص ستأتي يوما من الأيام، وفي كل تأخر نقول: ستأتي العام المقبل. ولأنها لم تأت ولأن الزمان يركض ويمر حتى باللحود دخلنا معترك الذهب فقد رأينا بريقه في حلي زوجاتكم وبناتكم، فلنا زوجات وبنات وبنات خالات كما تعلمون..خرجنا في رحلة الرزق الحلال،وفجأة تعطلت سيارتنا ونفد شحن هواتفنا..نسلي أنفسنا بأن أهلنا قادمون وبأنهم سيتأخرون قليلا لأن مواطني الدرجة الثانية لايجدون الحلول بسرعة، ثم وئيدا وئيدا تبخرت الآمال ونفد الماء وبدأ شحننا في النفاد..استلقيت اسفل السيارة بحثا عن ظل يقيني حر الشمس فيما بقي صديقي في المقصورة، وكنا نحاور بعضنا ونتذكر رحلتنا من الطفولة ونتخيل أزيز الطائرات حين نسمع دبيب النمل وهو يحوم حول مركبتنا..لاشيئ من تخيلنا كان حقيقيا واتضح ان التدخل عصي على المواطنين الثانويين..
سيدي الرئيس
سنرحل في نفس الوقت الذي يوثق فيه الموثقون شراء أشياء تافهة لمخملييكم،نظارات شمسية لأحد الساسة بملايين الأوقيات،ومقاعد انكليزية مذهبة للكنيف وثمنها بالملايين من مال شعبنا ووطننا.
سيدي الرئيس
نصيحتي الأخيرة،اياك من غضب الشعب فالموتى ينتصرون للأحياء ويمدونهم بالروح الثورية.
بع قصور الآثمين وقصورك وأعد للشعب ماله،وجرد العصابة من أمواله ووفر الأمان للمنقبين وللباحثين عن أرزاق الجني والالتقاط بعيدا عن التزلف والتملق وتأليه الرؤساء.
لو بعت صنبور الماء أو المقعد الانكليزي أو حتى القرفصائي لأحد قصورك وقصور العصابة لكنت أنقذتنا ببساطة.
أيها الرئيس، ستثور العظام يوما وسينتفض هذا الشعب على الآثمين فلاتكن أحد المغضوب عليهم، ويمكنك النجاة من حالهم، ليس لأنك الأفضل أو الأبعد من الفساد والظلم، ولكن لأنك من يملك الآن الفرصة للتصحيح، ولو صححت قد يكون هذا التصحيح كفارة عقود من المشاركة في ازدراء وامتهان واذلال هذا الشعب.
وداعا،وقل للسيدة الأولى المحترمة طبعا بأن تتخيلني ابنها لتنصحك وتدعمك في ثورة الضمير فالسيدات طيبات أكثر منا معشر الرجال.
لاغل ،لا أحقاد ولاصغائن لذا كن بطلا ،فهذه نصيحة مودع، وادخل التاريخ بالخروج من العصابة،اسجنهم جميعهم واستعد الثروة وأعد مالديك ومالدى ذويك وحلفائك، ثم اخرج من بيوت هذه الأرض أبناء صالحين لم يسرقوا ولم ينهبوا تكن رئيسا مختلفا ،والا فأنت رقم في عصابة ستنتفي يوما تحت أقدام الغاضبين المحبطين الثائرين.
صديقي هل تسمعني؟
صديقي مات، وسأموت بعد قليل وستموت أنت أيها الرئيس وسيموت الشعب، لكن الويل والثبور لمن مات وذهب بمظالم شعب كامل الى حساب عسير.
وداعا أمي وأولادي، فقد رحلت وأنا أسعى لتحسين واقعكم ورفعكم بالحلال الى مواطنة الدرجة الأولى.
لكن الله شاء ولاراد لمشيئته.
رحمنا الله وأصلح حال أهلنا من بعدنا.
بقلم الكاتب الصحفي/ محمد الأمين محمودي