بنشاب: كل قول لا يخلده فعل مجرد إنشاء لا يساهم في سد الرمق ولا ازدهار الأمم وأظن ان تاريخنا المعاصر ــ وهو اكثر فترات ماضينا حضورا أو استحضارا ــ يعج بالأمثلة الحية الشاهدة على ضآلة مساهمة النخبة الحاكمة و المشرّعة في نتاج أزيد من ربع قرن من تاريخ الدولة ككيان يفترض فيه ان يكون جمع و منع داخله شعب الجمهورية الوليدة او المستنسخة المستلمة بهدوء وخجل عمّقت جراحهما النازفة شهادات التاريخ بكل مصادره المحلية والخارجية وأكدتها الوثائق والواقع المتناقض المعاش رغم صعوبة بلعه ومرارة طعمه و ضعف إضافته الغذائية الضرورية للنمو و النضج و التكيف مع متطلبات العصر المعاش بالفعل وبالقوة دون إذن او دون مشاورة ، فحضارة البشر تحتم على الجنس العيش وفق نظام أقويائها المفروض مهما رفض ، والذين عبروا خطوط الجوع والفوضى يدركون ان خطوط الخوف من المجهول لا مأمن منها سوى استمرار التصدي لها ومواصلة تحدي مكامنها وأسبابها كالظلم والغبن والتهميش وكنكران الجهد وحجب الواقع وتشويه التاريخ الخاص والمشترك وهي في مجملهما البوتقة التي خيم فيها تاريخ العطاء المشترك للشعب ونخبته الحاكمة والمتحكمة ودوائر دعمهما ، ولعل الانطلاقة المتعثرة للمشروع تجد تبريرها في الواقع المعاش المسكوت عنه حتى كاد السكوت ان يحدث انفجارا في المجتمع لولى القفزة النوعية التي حدثت في العشر الأواخر من عمر نظام الحكم المحلي والجرأة على الاستماع الى أصوات الضحايا وأحفادهم في الشارع وعبر وسائط التواصل ومن خلال الكتابة و الحشد في الشوارع والتي مكنت البعض من ان يتميز لا لمواهبه ولكن لقدرته على التكلم بالنيابة عما يدور في اذهان العديد من الضحايا وأحفادهم ومن حرموا حق سلاسة الولوج الى الوطن وخيره وظلت إرادة احتكار البلد تحشرهم في زوايا شره وثقل معاناته وهم الذين يدفعون اليوم ثمن اخطاء ساسة وقادة رأي الوطن وصناع قراره واستقراره الهش .
وحينما تنجح طائفة من اصحاب الحظوة في التفرد بتوجيه القرار وتعجز تلك الطائفة عن تبديل فهمها وجلدها المألوف فستظل تكلفة التغيير نحو الأفضل باهظة ويزداد الوضع سوءا حينما يتنفذ من بين أعضاء تلك الطائفة من يجاهر بتبرير كل الوسائل من اجل غاية مادية صرفة على حساب ما سواها من قيم ومبادئ وأخلاق وواقع البلد الراهن يعكس بجلاء سوء استخدام النظام العمومي في مواجهة التحديات الامنية والاقتصادية وابتعاده تخلفا عن مسايرة التحولات الاجتماعية والسياسية التي وصل اليها البلد بفعل الانفتاح وبفعل تقادم اساليب الاحتكار و تناقض استمراره مع مطالب الجماهير ومع تجارب امم الكون من حولنا فطغيان هامش الحرية والتحرر رغم عائق تساوي فرص الاستفادة المادية يفرض الاعتراف بالواقع وتصحيح الأخطاء وتثمين الجهد ؛ غير ان غمرة القيادة تضم من لا يريد مصارحة نفسه ولا مواساة اخ الملة والوطن أحرى تثمين جهده ومواصلة المسيرة وهو اكبر تبذير متعمد للزمن واكبر نهب لحصاد سنين يدفع الوطن والشعب المنهك فاتورته بأغلى تكلفة .
إن استمرار اطلاق المفرقعات في آمال وأحلام العامة و استهداف بعض الخاصة والعجز عن اقناع الآخر بجدية البرنامج إشارات حمراء وعلى السائق ان يحترم نظام المرور فعربة سفره عتيقة واغلب قطع غيارها مزور..