أحب الصالحين و لست منهم () لعلي أن أنال بهم شفـــاعة
وأكـــره من تجارته المعاصي () ولو كنا سواء في البضاعة
أنا أيضا أسوة بالشافعي وإن كان هو من الصالحين، أحب الصالحين وأهل الفضل، وأحب الحديث عنهم. واليوم أحدثكم عن أحد سلفنا الصالح الذي غادرنا في مثل هذا اليوم 05 يناير 2010 واعني الوالد محمد عبد الله ولد سيدي محمد ولد آماه علماً الذي عرف بصلاحه وسخائه وحسن خلقه وعطفه على الضعفاء.
كان المرحوم الوالد محمد عبد الله ولد سيدي محمد ولد آماه آية في الكرم وسرعة البديهة والاريحية. كان مجلسه لا يمل بما يفيض به من فوائد علمية وطرائف نادرة. والده العالم الجليل سيدي محمد ولد آماه الذي يحكي الشيخ الددو قصة حدثت له حين أضطر إلى بيع كتبه بحفنة قمح ذات رمادة، فكتب عليها متمثلا الأبيات الشهيرة:
أنست بها عشرين حولا وبعتها () لقد طـــــــال وجدي بها وحنيني
وما كـان ظني أنـــــي سأبيعها () و لو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضعف وافتقـــار وصبية () صغــــــــار عليهم تستهل شؤوني
عرفت المرحوم عن قرب منذ صغري، فقد كان خال الوالد وخليله، وكنا نحن الصغار نفرح لزيارته ولا تحتاج معرفة سبب فرحنا الى ذكاء، فقد كان كريما معنا وسخيا وعلاوة على ذلك يداعبنا ويمازحنا.
تميز الوالد "ول آماه" كما هي شهرته، بأن سيارته و اغلب حالها 404 كميونت. فقد مضت عليه سنوات كل سنة يشتري 404 كميونت من ممثليتها في نواكشوط حسب ما وصلني. سيارة "ول آماه"، هي سيارة الجميع لن تتجاوز أحداً مهما يكن، وحين يكون في حي بالبادية (افريكَـ )، تكون تحت تصرف الجميع، وهذا ما شاهدناه خلال المدة التي عايشناه فيها.
يحكى أنه في بعض المرات اشترى سيارة نقل وعلى متنها الركاب و أمتعتهم، ليكون حرا في التصرف بها ونقل من أراد و ربما مجانا.
"ول آماه" من الرجال الذين وضع الله لهم القبول في الأرض، أحبه جميع من عرفه ومن سمع بمناقبه. وقد سمى بعض الفضلاء أبناءَهم باسمه "ول آماه"، تقديرا له وتاسيا به، و أظن أن من بينهم الشيخ محمد ولد آمنة رحمه الله.
و من أهل الفضل الذين عرفوا له مكانته آل عدود و آل الددو، وكنت كلما لقيت الشيخ محمد الحسن ولد الددو أول ما يبادرني به: "اشحال محمد عبد الله ول آماه".
تغمد الله والدنا "ول آماه" برحمته الواسعة و رزقه الفردوس الأعلى من الجنة.