بنشاب : تسريب نتائج الباكلوريا، هي آخر ما تفتقت عنه ذهنية عصابة مفترضة للعبث بقاعدة بيانات وزارة التهذيب؛ لكن من المفارقات أن تعلن الوزارة عن تشكيل لجنة تحقيق، فنتفاجأ قبل بدء عملها بأن التهم جاهزة على مواقع التواصل الإجتماعي و الإعترافات تتوالى من الطرف الثاني المحتمل دون أن يقودنا هذا الإعتراف "المجاني" إلى هوية هذا الطرف و خيوط الجريمة السيبرانية الغامضة.
لا أريد هنا أن أتقمص دور المحقق، لكن أفترض أن المسرب اعترف بشراء المعلومات و نشرها على موقعه؛ فماذا استفاد من ذلكـ ؟ و ما هو الهدف من تسريب هذه المعلومات ؟ و ما هي طبيعة علاقته بالطرف الأول ؟ و كيف تعرف عليه ؟
إن التركيز فقط على "عملية الشراء" لإثبات تورط المسؤول الأول عن تسريب نتائج الباكلوريا، يشي بأن العملية أكبر مما نتصور، هذا التبسيط يراد به إلهاء الرأي العام خارج دائرة الفاعلين الحقيقيين، فالإيحاء الذي يتركه هذا الإتهام لدى العامة الذين يصدقون دائما أسوء الإحتمالات حتى و لو كانت تافهة، يضع المتهم المحتمل خارج دائرة الضوء و يبعد الشبهات عن الجهة التي قامت بهذا الفعل لأسباب قد تكون لها علاقة بخلاف داخل الوزارة أو لأسباب جرمية ، ابتزاز مثلاً أو للإضرار بقاعدة بيانات الوزارة التي يجب أن تكون دائما في مستوى عالٍ من الحماية.
ثم إن اللجوء إلى فرضية الشراء في حد ذاتها يمثل اتهاما مباشرا لوزارة التهذيب، و كان من اعترف على نفسه، أراد دون أن يقصد إبراز ظاهرة تعاطي الرشوة التي أصبحت وسيلة منتشرة بين المسؤولين للحصول على خدمات الوزارة. لكن هذا لا ينفي أن الجريمة التي حدثت، تمت بدوافع و أسباب و قد يكون من بين هذه الأسباب، التغطية على جريمة أكبر.
إن قضية تسريب نتائج الباكلوريا هذا العام، بهذا الشكل يعد تحديا للدولة، ليس على مستوى الأمن السيبراني لها و حسب بل و كذلكـ على مستوى التعقيدات التي عرفتها الجريمة بشتى أنواعها في هذا العصر؛ إنها مقدمة لما هو أخطر، فهل سنأخذ الإحتياط اللازم ابتداء من الآن ؟