وتراهم ينقضون تعهداتك !!

جمعة, 08/05/2020 - 08:04
 محمد عبدالله الدگاهي

 بريد إلى فخامة الرئيس:

من ضروب التناقض الصارخ في المنطق الصوري ، أن تحظى أرضك بمخزون هائل من أونقصات الذهب عالي الجودة ، وأنت تجوب الشوارع هائما تستجدي للحصول على الماء ؛ مشهد يتكرر بكل ما يحمله من إهانة ، من حين لآخر بمدينة أكجوجت ، جوهرة الشمال  .

كانت الأزمة في بداية أمرها تقتصر على أحياء معدودة، واقعة في الهوامش، وهي حديثة عهد بالتخطيط ؛ إذ كان الخزان الوحيد يستوعب يوميا 1200متر مكعب، تمده  شبكة أنابيب شركة MCM بالفائض عن حاجياتها، من عذب مياه بحيرة بنشاب ،  التي تستنزفها بإفراط لأغراض الصيانة والتصفية في منجمها  في الوقت الذي تصلح فيه المياه المالحة لتلبية كثير من تلك الحاجيات. 

وقد تسبب نزوح بعض السكان مؤخرا نحو المدينة ، نظرا لعوامل منها توالي سني الجفاف ، وانعدام المرافق الصحية والتعليمية في الريف  ؛ وفِي ظل التمدد العمراني للمدينة ،  -  وفق تخطيط أقرب للعشوائية أحيانا ، حيث قضَّت السيول مضاجع عشرات الأسر ، وتشرد آخرين كل موسم أمطار  ؛ - بدت الحاجة ماسة إلى تعزيز الخزان بآخر ، إذ لم يعد يكفي ما يقل عن 3500 متر مكعب وفق بعض التقديرات ؛  نتيجة الضغط على كمية المياه المتاحة ؛ نظرا لزيادة أعداد الساكنة ؛ وتركزت الأزمة في حواف مركز المدينة وتتصاعد وتيرتها بالاتجاه نحو الأحياء الواقعة في  الهوامش  ؛ الأمر الذي واكبه إطلاق حزمة مشاريع الاستقلال  مطلع العام الماضي ، ومن ضمنها خزان ومنظومة لتحلية المياه ، وشبكة أنابيب جديدة  .
أحيط الموضوع بهالة إعلامية ، تحدث أحد الوزراء يومها عن بعض التفاصيل ، والخير الزمني الوجيز الذي ستنجز فيه المشاريع ؛  للأمانة  لم أكن أرتاح للأمر ولا إليه  !  مع أن حلما ساورنا طيلة تلك الفترة ، لتكشف الأيام أنه أقرب إلى الوهم المريح  .
فالسبب المباشر في الأزمة الراهنة هو تهالك الشبكة القديمة ، والإجهاز على ما تبقى منها في خضم  إنشاء الأرصفة على حواف الطرق المعبدة   ؛ والاستغناء عنها بشبكة الأنابيب المنجزة حديثا لتوزيع مياه الآبار الارتوازية  ، بعد عملية التحلية كما هو مبرمج ، لكن شيئا من ذلك لم يقع ، بدا القائمون على المشاريع التي كلفت 4 مليارات ،  أقرب إلى حاطب بليل ، وهم في غمرة شواغلهم فرطو في جوانب  تلامس عَصب الحياة اليومية للمواطن ، وأفرطو في أخرى تقل أهمية ، من إنارة وصباغة أرصفة ........ إلخ .
وكلها نذر سوء أنبأت بما آل إليه الأمر  ؛  دشنت المشاريع في  مراسيم بهيجة،  كل على حدة ، وبقيت الشبكة المائية في انتظار المجهول ، تم تدافع المسؤولية بشأنها  ، ردتها بعض الشائعات المسربة  من الأروقة التي لم تغن عنا شيئا ، إلى كون الشركة  المسؤولة  تأخرت في استجلاب أجهزة منظومة التحلية ، بدأ الخرق يتسع على الراقع ، ودخلت شركت EiFFAGE العاملة في مقالع الحجارة على مشارف المدينة على الخط ،  والتي لم تكتف بتلويث البيئة وإهلاك الحرث والنسل ؛ بل زاحمت الساكنة في مصدر المياه الوحيد ،  والذي لا يكفي لتغطية الحاجة ؛ ليتم اللجوء إلى حلول بدائية لا يمكن بحال أن تصمد أمام موجة العطش الخانقة  .

دفعت حدة الأزمة  مجموعة من الساكنة إلى النزول للشارع في مناسبتين وتجمهرت أمام مباني الولاية  والمقاطعة إذ لم تجد بدا من خرق إجراءات الحظر  ، التي تعتمدها السلطات العليا في البلد، وما دام الموت هو المخوف ، فقد رأوه رأي العين على هذه الحال ؛ وعادو بالرغم من كل ذلك  في النهاية بخفي حنين  .
وبما أنه لا يضاهي  SNDE في سوء الخدمات إلا Somelec  ، دخلت عليها الخط وانضافت الانقطاعات المتكررة للكهرباء مؤخرا لسابقاتها ،  لتزيد الأزمة تفاقما ، والأوضاع ترديا ؛  و قد أثر هذا الوضع على كافة مناحي الحياة ، واستنفدت جميع الوسائل لإبداء الامتعاض وإيصال صوت الساكنة المبحوح ، للسلطات المحلية ، فعمد  الجميع  منتخبين ومنتخِبين ؛ كل على طريقته إلى محاولة إيصال صورة الوضع المتأزم كما هي ؛ لهرم السلطة في البلد ممثلا في فخامة رئيس الجمهورية  ، لوضع حد لهذه الدوامة التي لا تطاق وفِي ذلك الإطار تدخل هذه التدوينة .

فخامة رئيس الجمهورية : 

إنكم أطلقتم برنامجا طموحا ، يندرج في سلم أولوياته ، تقريب الخدمات وتوفيرها من المواطن الموريتاني أينما كان ، سيما أبجدياتها والتي منها الماء والكهرباء باعتبارهما عَصب الحياة ، الذي لا غنى ؛  والتفت ساكنة أكجوجت في غالبها الأعم ، خلف برنامجكم ؛ وأنتم تدركون أكثر من غيركم ، أن عريضة مطلبية قوامها توفير  خدمتي الماء ، والكهرباء لمدينة منجمية ؛ ورافعة محورية لاقتصاد البلد ،  لا تستقيم عقلا ؛ ولا تصلح للزمان الذي نحن فيه .

لهذه الاعتبارات وغيرها ، نطالبكم بإعطاء أوامركم بوضع حل جذري لهذه المشكلة ، وانتداب لجان فنية مختصة تقوم على تنفيد أسرع الحلول جدوائية و نجاعة ؛ على أن تبعثو بتطمينات لساكنة أكجوجت التي تقف على أحر من الجمر ، بواسطة الناطق باسم الحكومة أو أي قناة أخرى ، لتطمئن قلوب الجميع ، ويدركوالآلية التي اعتمدتم مشكورين ؛ وعلى أمل تسني ذلك  .... ..............  إنَّا منتظرون.