أنغولا… عندما تتحوّل تجارة الظل إلى متاهة، ويختفي الموريتانيون بين خطوط النفوذ

ثلاثاء, 02/12/2025 - 10:34

بنشاب : في الأوساط الموريتانية بإفريقيا، تُهمس رواية قديمة لم يستطع أحد إثباتها علنًا بعد، لكنها لا تغيب عن أي نقاش:
“أغلب حالات اختفاء الموريتانيين لا تأتي من الخارج… بل من الداخل. من نزاعات التجار أنفسهم، من صراع النفوذ في الأسواق المظلمة، ومن خطوط المال التي لا ترحم.”
أنغولا اليوم تعيش على وقع مثال جديد… مثال أكثر تعقيدًا، وأكثر إثارة للأسئلة، وربما أخطر مما يبدو على السطح.

 

■ عبد الرحمن ولد صالح… لغزٌ يتجاوز الجغرافيا

لم تعد قصة اختفاء الشاب الموريتاني عبد الرحمن ولد صالح مجرد حادث محلي.
بل تحولت خلال أيام إلى قضية أمنية، اجتماعية، وتجارية، تتداخل فيها:
 • مناطق شبه حدودية
 • تجارة الأحجار الكريمة
 • شبكات نقل غير رسمية
 • وشخصيات تتحرك بين الضوء والظل

التحقيق الذي حصلت Jeune Afrique على خيوطه يكشف مشهدًا معقدًا، بدأ قبل شهور من يوم الاختفاء.

 

■ المشهد الأول: قرية “أدوندو”… حدود التجارة وحدود القانون

هناك، على أطراف مقاطعة لكويتو، يعيش عبد الرحمن مع زوجته الأنغولية ويُدير متجرًا صغيرًا.
القرية ليست مجرد تجمع ريفي:
إنها نقطة تلتقي فيها مصالح المنقبين، تجار الحجارة، وسماسرة الطرق الخلفية.

عبد الرحمن كان واحدًا من الذين يعرفون هذه البيئة جيدًا… ويعرفون أيضًا أن النجاة فيها ليست دائمًا مضمونة.

 

■ المشهد الثاني: وامبو… حيث تتقاطع طرق الجالية

في كل زيارة إلى العاصمة الاقتصادية وامبو، كان عبد الرحمن يختار النزول في منزل موريتاني يُدعى سيدي الملقب “مانو”:
 • شخصية مركزية في أوساط الجالية
 • متزوج من شرطية أنغولية
 • بيته محطة عبور للتجار
 • يعرف تفاصيل الأسواق والممرات الأمنية

لكن هذا الرجل، الذي كان “ملجأً” للجالية… سيصبح لاحقًا نقطة الارتكاز في هذا اللغز.

 

■نقطة التحول الأولى: سيارة مفقودة… تظهر من جديد

في يناير الماضي، اختفت سيارة مواطن موريتاني آخر، إدومو ولد دحانِ، من أمام منزل مانو.
بلاغات قُدّمت…
تحقيقات فُتحت…
ثم اختفى كل شيء.

بعد 10 أشهر، ستعود السيارة إلى الواجهة، ولكن في مكان غير متوقع.

 

■المشهد الثالث: آخر يوم لعبد الرحمن

في 25 من الشهر الجاري، وصل عبد الرحمن إلى وامبو وبات ليلته في منزل مانو.
في الصباح، خرج إلى ورشة ميكانيك لتغيير الزيوت…
ومن تلك اللحظة:
 • اختفى أثره
 • توقف هاتفه
 • لم يظهر أي دليل على خروجه من المدينة

لتبدأ أسئلة لا جواب لها.

 

■ المفاجأة: السيارة القديمة… ومقعد جديد في التحقيق

عندما فتشت الشرطة ورش الميكانيك، عثرت على:

سيارة إدومو المفقودة منذ يناير.

صاحب الورشة قال للشرطة إنه اشتراها من موريتاني يدعى “مانو”.

الشرطة لم تنتظر طويلًا — استدعته عبر الحيلة، ثم أوقفته مباشرة.

في التحقيق:
 • اعترف ببيع السيارة
 • لكن قال إنه “لا علاقة له” باختفاء عبد الرحمن
 • أكّد أن الشاب بات عنده تلك الليلة ثم غادر

لكن الاعتراف بوحده كان كافيًا لتغيير موازين التحقيق.

 

■ خيط آخر: هاتف عبد الرحمن في سوق الهواتف

مصادر من الجالية أكدت لــ Jeune Afrique أن الشرطة عثرت على:

هاتف عبد الرحمن في محل هواتف بالعاصمة الأنغولية.

خيط خطير يشير إلى:
 • وجود أطراف متعددة
 • أو شبكة تعيد بيع “متعلقات” الضحايا
 • أو مسار تهريب غير فردي

 

■ مانو في قبضة الأمن… والجالية في حالة صدمة

مانو الآن موقوف رسميًا في وامبو، بانتظار إحالته إلى وكيل الجمهورية.

وفي المقابل:
 • وفد من الجالية (برئاسة رئيس الجالية وممثلين عن السفارة) توجه نحو المدينة
 • بعض التجار بدأوا بمراجعة تحركاتهم وعلاقاتهم
 • القلق ينتشر في أوساط الموريتانيين العاملين في المناطق الداخلية

في أنغولا، الاختفاء ليس مجرد حدث… إنه رسالة.

 

■ شائعات، توتر، وضباب كثيف

مع توسع القضية، انتشرت شائعات عديدة:
 • اختطاف
 • تصفية بسبب خلاف تجاري
 • ضلوع شبكات محلية
 • أو حتى ترحيل سري

لكن في عالم تجارة الظل، المعلومات الكاذبة قادرة على قتل التحقيق قبل الحقيقة.

الشرطة الأنغولية طلبت من الجالية:
 • عدم تداول روايات مجهولة
 • ترك المجال لتحقيق جنائي معقد يحتاج الوقت والمسار الهادئ

 

*- ماذا نعرف؟ وماذا يبقى مجهولًا؟

*/ما نعرفه:
 • عبد الرحمن اختفى بعد خروجه من الورشة.
 • هاتفه عُثر عليه بعيدًا عن مكان إقامته.
 • سيارة سابقة اختفت من منزل مانو وبيعت بطريقة غير قانونية.
 • مانو أصبح محور التحقيق.

*/ما لا نعرفه:
 • هل لعبت التجارة دورًا في الاختفاء؟
 • هل كان الشاب ضحية نزاع مالي؟
 • هل توجد شبكة أوسع من مجرد فرد واحد؟
 • أين هو عبد الرحمن الآن؟

 

■الخلاصة — قضية تتجاوز حدود أنغولا

اختفاء عبد الرحمن ليس ملفًا جنائيًا بسيطًا.
إنه جزء من صورة أكبر:
 • تجارة الأحجار
 • شبكات التهريب
 • تنافس التجار
 • ضعف حماية الجاليات
 • وجود فوضوي في مناطق التعدين

وإلى أن تظهر الحقيقة، يبقى السؤال الأكبر:

هل اختفى عبد الرحمن بسبب حادثٍ عابر… أم بسبب شبكةٍ تعمل بصمت خلف تجارة الظل؟

الأيام المقبلة وحدها ستكشف.