بنشاب : للذين يعزفون على وتر العاطفة والرحمة والشفقة أقول لهم هلا تمهلتم وأخذتم العبر ممن سبقوكم وقرأتم ماقالته أسماء بنت أبي بكر لابنها الزبير لما دخل عليها شاكيا ،
دخل ابن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر، في اليوم الذي قتل فيه، وقد رأى من الناس ما رأى من خذلانهم، فقال:
يا أمه: خذلني الناس حتى ولدي١ وأهلي، فلم يبق معي إلا اليسير ممن ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت والله يا بني أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو فامضِ له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك يتلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنيا، فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل معك، وإن قلت: كنت على حق، فلما وهن أصحابي ضعفت، فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين، وكم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن، والله لضربة بالسيف في عزٍّ، أحب إلي من ضربة بسوط في ذلٍّ، قال: إني أخاف إن قتلوني أن يمثلوا بي، قالت: يا بني إن الشاة لا يضرها سلخها بعد ذبحها.
فدنا منها وقبل رأسها، وقال: هذا والله رأيي، والذي قمت به داعيا إلى يومي هذا،
عزيز قائد ملهم سطر تاريخا بحروف من ذهب فموته بعد عمر مديد يوم عظيم وحياته تغيظ خصومه سواء داخل زنزانته أو خارجها .