أزمة الثقة .. من يعيدها؟ حكومة ثقة و كفاءات لا حكومة محاصصات

أحد, 25/02/2024 - 22:04

بنشاب : تتأثر ثقة المواطن بالحكومة بعوامل عديدة لعل من أهمها:

أولاً:
فاعلية السياسات المعلنة، و الى أي مدى تحقق أهدافها المعلنة التي يشعر بها المواطن. و حين يتكرر إخفاق السياسات في الإنجاز و الوصول إلى ا لأهداف، فإن ثقة المواطن و مدى تصديقه لما تقوله الحكومة يتراجع بشكل كبير. و الأخطر من ذلك أن الجهاز الإداري يفقد الثقة بنفسه، و بالتعليمات التي تصدر عن السلطات  العليا...

و يأخذ أداؤه بالهبوط و الابتعاد عن الجدية و الفاعلية، لأن الموظف كالمواطن يدرك أن السياسة التي تتبانها الحكومة لن تصل إلى أي نتيجة. إنها مجرد وعود و مشاغلة و انشغال. و هذا يدفع الجهاز الوظيفي إلى مزيد من  اللامبالاة، و عدم الاستعداد لخدمة المواطن. و هذا ما نعانيه اليوم للآسف الشديد 
الثقة في مفهومها البسيط و العميق يتجلى معناها فيما تحققه المؤسسة السياسية أو السلطة للمواطن من احتياجات و مطالب اجتماعية و آمال وطموحات، فالثقة تنشأ دائماً من ضمان العيش الكريم و الكرامة للمواطن، تلك الكرامة التي تشعره بالانتماء و المواطنة و تبعد عنه الشعور بالاغتراب.
الثقة تعتمد على تقييم المواطنين لمدى التزام السلطة بتنفيذ ما وعدت به و ما أكدت تحقيقه، و هي تمثل أيضاً انعكاساً لأداء الحكومة و البرلمان و الرئيس و مدى حسن إدارة ثروات البلاد و الاقتصاد ويمكن قياسها من خلال درجة رضا المواطنين بهذا الأداء.
إذا فشلت السلطة في ذلك، فهي تفقد مصداقيتها وثقتها لدى الشعب .
و الحكومات الموريتانية المتعاقب لم تفشل فقط في سياستها و إدارتها و برامجها، بل فقدت هيبتها و لم توفق حتى في الاحتفاظ باسمها فسميت بـ"العصابة‪" بدل السلطة بسبب الفساد الكبير الذي طالها وبشكل فاضح وصادم.
أجل، المواطن الموريتاني  اليوم، مصدوم من هول حجم الفساد ‪الذي كان وراءه رموز السلطة  و أعضائها، فبعد أن فقد الثقة في السلطة التشريعية (البرلمان) نتيجة إخلالها بمهمة تمثيل الشعب و الدفاع عن مطالبه، فقد الثقة في الوزير و رئيس الحكومة، أي كل ما يمثل منظومة الحكم.
الثقة بين المواطن الموريتاني  و السلطة لم تتزعزع فحسب، بل أصبحت مفقودة تماماً، خصوصاً بعد ما كشفت عنه سلسلة  قضايا الفساد من أرقام خيالية تلخص حجم الفساد الذي أفلس البلاد و أفقر الشعب و زعزع أركان الدولة. 
ان استعادة الثقة بين المواطن اليوم والدولة  تحتاج حكومة كفاءات  لا حكومة محاصصة و عهد موثوق من جانب السلطة و تواجد حقيقي للمؤسسة السياسية وتعامل مسؤول وجاد  لتكون معبرة عن هموم واحتياجات المواطن بكل شرائحه الاجتماعية، و التخلص من كل آثار الفساد و ملاحقة الفاسدين و إبعاد الوجوه الفاشلة كلياً من المشهد السياسي و الاقتصادي.
كل هذا لن يتأتى إلا إذا شعر المواطن بوجود قطيعة فعلية مع الممارسات السابقة للقائمين على شؤون البلاد و من ثم تبدأ الثقة في نسج خيوطها شيئاً فشيئاً.
ما يتطلبه الوضع في موريتانيا  اليوم، هو ترميم الثقة بشكل سريع رغم صعوبته، و الاكتفاء مبدئياً بمعالجة الحالة بالترميم، ثم التفكير في بناء الثقة لأن عملية البناء طريق طويل يحتاج تعبيده إلى العمل والمكاشفة و المصارحة أمام المواطن، بشكل يجعله شريكاً فعالاً في المعادلة السياسية، و بالتالي معالجة شرخ الثقة الموجود بينه و بين السلطة.
فخامة رئيس الجمهورية المواطن العادي اليوم حائر أمام سيل من التسائلات.
كيف يمكن لدولة أن تتقدم؟ و تحقق نجاحات اقتصادية و اجتماعية و فكرية و علمية إذا كانت الثقة لدى المواطن غائبة؟

 كيف يمكن أن يتحسن الأداء و تزيد الإنتاجية؟

إذا كانت الخلفية الذهنية و النفسية تقوم على أساس التشكك في توجهات الحكومات و نواياها حتى في أبسط الأشياء؟

كيف يمكن للمؤهلين للإبداع أن يبدعوا و يبتكروا إذا سيطر على نفوسهم عدم الثقة و التشكك في نزاهة الإدارة ؟ كيف يمكن أن يشعر المواطنون بالسعادة و الرضا و الاستعداد للعمل و التضحية إذا كانت الثقة غائبة؟

إن الدول الأكثر تقدماً هي الأكثر تمتعاً بثقة المواطن و الثقة بالحكومة و الثقة بالإدارة و الثقة بالقضاء و الثقة في المجتمع بكامله، فذلك طريق التقدم و الازدهار.  
  أعرف ان مقالي ربما لا يروق للكثيرين لاكنني أدرك ان المواطن اليوم بحاجة الي حكومة تعيد ثقته في نفسه و وطنه...

  حكومة ثقة و كفاءات لاحكومة محاصصات...!!! 
بقلم شيخنا سيد محمد