بنشاب : أنا ثورة.. وقد ولدت ملتهبة يذيب صهدي أقنعة المقتربين من شهدي، لاذعة، قارصة، بنكهة المعتقات من أنبذة العصور السحيقة الهاربة.
هكذا بكل نرجسية تجدني أمارس فنون الإغواء الذهني و الإغراء الحسي على مدار اللحظات وأمام عدسات الرصد، لكنني دائما غير سائغة في بلاعيم المقتربين، ومن يبتلع النار انجذابا للونها أو قوامها أو نعومتها؟ كأن تلمح حمرة البراكين من بعيد وتغريك انحناءات صهارتها الملتفة مع ساق الجبل متدفقة نحوك كالعسل القاني، لكن طبيعتك المائية واستشعارك لعدم قدرة بدنك الفاني على تحمل قيظها سيدب فجأة في ضربات قلبك ليحملك الحذر بعيدا في تراجع لذيذ، يستمد عذوبته من شعورك بالأمان و النجاة من احتراق مؤكد في جحيم مغري، ثائر قائظ مستعر…
أنا شعلة لهب أنير دروب المارين عبر سراديب التجربة، ألفح وجوه المنجذبين لدفئ وجنات احمراري و خصلات اشتعالي.
وأعرف أنني سأستعر هكذا لبقية الأمد و أنا في بحث دؤوب عن طريقة.. وسيلة .. قدر .. لإطفاء حرائقي.. كنت أعرف أن صبري سيمتد حتى تشيب فرصي، في انتظار من يريق نهر البرودة في شريان تاريخي، وقد توقعت باكرا كيف لن تكتمل تلك المحاولات الخجولة، رغم دنو الأحضان في كل مرة وهي قاب قوسين أو أدنى، من اقتسام النسمة و اشتراك النبضة و تطارح الأتراح و الأفراح، والسباحة أفقيا في متعة التجلي، وفقدان الوعي في شدق التجربة الحرة و منح الأقدام لريح الانعتاق من ربقة الواقع الخانقة، و التحليق فوق مطبات التعثر البغيضة..
لكنني رغم معاناتي بقيت صامدة راضية بذاتي، معتزة بكل ذراتي، مؤمنة بخير قدري وشره، وحلوه ومره، أسعد ببحلقة المقتربين من ركني الخاص في هذا الوجود، و أحزن أحايين أخرى لبقائي عالقة بين أجفان البعض، وقد أغدو مسافرة بين شفاه البعض الآخر، لكن الحقيقة العصية على الحجب و التغيير هي إدراك مرارة كون النهايات التي لا يتزوج فيها الأبطال هي ذاتها القدر المحتوم لكل كتلة من نار سحرها الغوص في زخة من ماء في أعمق حفر المستحيل البهي، الشهي، المنير، الأبلج، تماما ككل أمة حلمت بالديموقراطية و هي ترزح تحت بؤس الأنظمة الفاسدة، مستسلمة لأياد البطش، المغتالة لكل أمل يتكون في رحم المحاولة، معيدة انتخاب نفس الجلاد في كل انتخابات، تصرخ كل فجر ديموقراطي لتـُذبح مع تجدد المساء الدكتاتوري السيزيفي.
و ستظل هذه الأمم تحترق داخليا و تشتعل خارجيا حتى تشيب أحلامها و تنطفئ أعمارها.
#بقوة_شعبها_موريتانيا_ستنتصر