بنشاب : كتب الدكتور السيد ولد أباه على حسابه بالفيس بوك شهادة حول العلامة الراحل حمدن ولد أتاه قائلا:
لا أعرف من أين أتحدث عن العلامة الجليل الشيخ حمدن ولد التاه الذي رفعت روحه الطيبة الطاهرة إلى عالم البقاء والحق.
تعرفت على هذه الشخصية الاستثنائية مبكرا و صحبته عهدا طويلا، و تعلمت منه الكثير في مختلف المعارف و العلوم و سافرنا معا عدة أسفار إلى خارج البلاد ، و سعدت بمجالسته في عدة لقاءات إذاعية و تلفزية بما فيها الحوار المطول الذي أجريته معه في رمضان ٢٠٠٦ في الإذاعة الموريتانية بالإضافة إلى حوارات مماثلة مع الشيخين الجليلين العلامة محمد سالم ولد عدود رحمه الله و العلامة الشيخ عبد الله بن بية حفظه الله .
كان العلامة حمدن يجمع بين خصال أربعة قل أن تجتمع في غيره.
فهو أولا سليل أسرة أهل العاقل و هم بيت العلم و الفضل والصلاح و أبوه العلامة سيدي ولد التاه من الأعلام الأفذاذ في هذه البلاد ،و قد تلقى العلم على خاله الأشهر القاضي العلامة محمذن ولد محمد فال. و من هذه المدرسة العريقة اكتسب سمات مميزة من بينها حسن الخلق و سعة المعارف و الذوق الصوفي الرفيع و الحس الأدبي المرهف مع القبول ومحبة الناس .
و هو ثانيا مفكر ثاقب النظر ، عميق التدبر، واسع الإطلاع ،مدرك لحقائق العصر و إكراهات الزمن .و قد أهلته ثقافته الأصولية العالية و منهجه المقاصدي الدقيق للتوصل إلى الحلول العملية الناجعة لإشكالات المجتمع في شتى المجالات. في هذا الباب ، أذكر أن أصدقاء من السعودية طلبوا مني تنظيم لقاء معه بخصوص موضوعات المصرفية الإسلامية المعقدة ، و قد قالوا لي إنهم زاروا عشرات العلماء من كل البلدان و لم يجدوا مثل الشيخ حمدن ذكاء و تبصرا و قدرة على التجديد و الاجتهاد ضمن ثوابت الشرع وموازينه.
و هو ثالثا رائد مدرسة التسيير و الرفق و التسامح، يكره التعصب و التشدد و يميل إلى الانفتاح و الاعتدال ،بما أهله لأداء أدوار شديدة الأهمية خلال لحظات التأزم و الصدام التي مرت بها البلاد ، فكان بالنسبة للجميع الملجأ الأمين و الناصح الصادق، انتظم حوله الإجماع الوطني بما لم يتحقق إلا نادرا لغيره من العلماء وفقهاء الدين .
و هو رابعا الشخصية الإسلامية الدولية ذات الصيت الواسع والتأثير المكين، تجاوز إشعاعه حدود مصره . و قد صحبته في عدة مناسبات ،فكان مفخرة أهل هذه البلاد بعلمه الواسع و فكره النير و ثقافته الموسوعية و تفكيره العقلاني الرصين .
من أعزي في الفقيد ؟
في هذه اللحظات الأليمة، أجدني أفكر في جميع تلاميذه و محبيه بقدر ما أفكر في أسرته المجيدة التي تجمعني بها شتى أواصر القرابة و المودة و المحبة .
كل ما أقوله هو ما علمنا الله تعالى في كتابه العزيز ” إنا لله وإنا إليه راجعون."