تعلقت ليلى وهي غر صغيرة
ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
أنفر عادة مما يحبه الناس، وأميل إلى ما ينفرون منه، لأني لا أومن بعدوى المشاعر، وأرفض حد الكفر إظهار العواطف الكاذبة..
كنت فتى نحيلا لم أصل بعد إلى الغلاف الأيسر من عقدي الثاني، حين التقيت ذلك الفتى الأسمر النحيل مثلي، ذا الشعر الجعد، فجأة في دروب التنظيم الوحدوي الناصري..
جمعتنا القومية العربية، وآصرة النحول، ولعلها سمة مشتركة بين جل منتسبي ذلك التنظيم السري الفقير، المكافح بوسائله الذاتية الخاصة، المحافظ على سيادته في مواقفه، وقراراته، لأنه مستقل لا يتلقى الدعم والهبات من مصادر داخلية كانت أو خارجية، فتفرض عليه الإملاءات...
عشنا لحظة التفتق الأولى، وتباشير الوعي المبكر، وكفرنا معا بالقبلية، والجهوية، والعنصرية، بايعنا مبادئ التحرر، والعدل، والمساوة، وحلمنا معا بوحدة عربية شاملة..
واصل الفتيان شق الدروب، والكفاح، لا يثنيهما شح وسائل، ولا يقعد بهما وسط الطريق لهاث سمنة، عن الإصرار في تحقيق حلمهما الكبير..
التقيا أستاذين في إعدادية البنين، (يذكر من الأستاذات الصغيرات خديجة بنت باكاه)، كانا يبدوان بين تلك الجموع طفلين يحملان هم وطن، وقضية أمة، تعرضا لا شك لدفع المراقبين لإدخالهما الصف لولا صياح التلاميذ على المراقبة: سيدتي هذا سيدي..
تابعا كأس العالم وفرحا بانتصار المغرب على (لم أعد أذكر)، وتابعا كأس أمم إفريقا وانتصار مصر على الكامرون..
فرقتهما أسباب الحياة، فسلك كل واحد منهما فجا غير فج صاحبه، فبخلت الأيام، وعزت سوانح اللقاء..
كان أخا، وصاحبا، وزميلا، نبيلا..
لم يكن أسير تخصصه العلمي الصعب، بمادته التي سماها تلاميذ البكالوريا: الوحش الأسود، بل كان أديبا(مزدوجا)، متبحرا في العلوم الشرعية واللغوية، كريما، شجاعا، مؤمنا حقا..
كثيرون يطلقون اليوم الثناء بإسراف على من يعرفون، وعلى من لم بعرفوا، كما ينفلت الماء من أفواه القرب، لذلك سأحتفظ بكثير من خصال فتانا لأنها أعظم من أن تهتك عنها الأستار..
تقاسمنا معا ظلم الإدارة، لأن قدرنا المشترك أن نظل وفيين لمهنتينا التعليميتين، لم نبحث مثل غيرنا عن هوية أخرى ننزل بها غريبين في واد لا نعرفه، ولا ننتمي إليه، ولو كان ذا زرع كثير..
وظلت الترقيات الرخيصة تنزل إلينا بنموها الطبيعي البطيء، حتى رأينا من درسناهم، والذين سبقناهم إلى دار الهوان يسبقوننا، ويختصرون الزمن، والمسافات المهنية، من غير شك أننا أحيانا عملنا تحت إمرة بعض هؤلاء...
حصل أخي أحمدو شاش على إدارة جهوية للمعهد التربوي في إينشيري، ورغم أن آكجوجت هي مدينته، ومدينة المعادن، والمعارف، والقيم الكبيرة، لكن بعض المعاقَبين، أو من (تُدلَّى بيهم ليدْ)، لحاجة غريبة في نفس أهل القرار أجهلها يحولون إليها..
لو لم يكن أحمدو لما كان ما كان، عايش حكمي رئيسين من مجموعته الخاصة، لماذا لم يطر وزيرا، أو سفيرا، أو موظفا ساميا من موظفي الظل الكثيرين، الراتعين في خصب الوظيفة بعيدا عن الرقابة والأنظار..
ظل كما أنت عظيما، نظيف اليد، والقلب، واللسان..
أما المعاهد الجهوية فلا تعتبر من أحب الترقيات إلى أهل التعليم، لأن بعضهم يراها محطات الغيبوبة المهنية قبل العبور إلى الضفة الأخرى..