بنشاب : عرفت المحاكم عبر التاريخ القديم والحديث حالات تصفيق من الجمهور أو المحامين أو القضاة أو الكلّ معاً .
التصفيق تعبيرٌ صامت، إبداء رأي، نادراً ما تستسيغه المحاكم من باب الحرص على الانتظام والهدوء أثناء سير الجلسات.
كفلت معظم التشريعات العربية حقّ رئيس المحكمة في إدارة نظام الجلسات، بينما حرصت تشريعات أجنبية منها مثلاً الكندية وبعض الولايات الاميركية على واجب سنّ نظام إجراءات مكتوب ومفصّل خاص بكلّ محكمة يدعى Court Etiquette and Procedures يلزم القضاة والمحامين والحضور، يعلّق ويُنشر على باب وموقع المحكمة يذكر مثلاً ساعات افتتاح الجلسات واختتامها والاستراحة ومحظورات الاكل والشرب واعتمار القبعات وواجب إطفاء أو إخفات اجهزة الهاتف ومنع التصفيق الخ…يُحترم من باب الآداب وخرقه يودي إلى الإخراج من المحكمة. نظام واضح مكتوب لا يمكن الاعتداد بعدم العلم به من الحاضرين الدائمين أو العَرضيين.
يختلف الأمر في دول أخرى. مثلاً، أثار موضوع التصفيق داخل المحاكم في #هونغ_كونغ جدليات سياسية وإعلامية وقانونية تأرجحت بين مؤيد ومعارض حتى صدر تشريع مكتوب يمنع هذا التعبير تحت طائلة عقوبة السجن. سياسة جنائية بسيطة بشكلها، عميقة بمضمونها حرّكت منظمات الدفاع عن حقوق الانسان في أطر عديدة داخل الدولة وفي العالم ضدّ تشريع اعتُبر #قمعاً مقونناً ، تحركات بأبعاد سياسية وحقوقية أحرجت وبدّلت سياسات وقوانين.
في قبولٍ أوسع للحظات التعبير ، وعلى سبيل المثال أيضا"، اعتمد قاضٍ أميركي رئيس محكمة جنايات يدعى Bruce Schroeder أسلوب التلاطف والتقارب مع دفاع المتهمين على الرغم من الاعتراضات والانتقادات التي تلقاها من الاعلام او الخصوم او النيابة العامة معتبراً هذا الاسلوب كفيلاً بإخراج كلّ وسائل الدفاع من أفواه الدفاع والشهود بما يضمن حقهم والعدالة، فيدعو احياناً الحضور والجمهور الى التصفيق ويصفق معهم باسلوب فريد، ويوجه الانتقادات العلنية لبعض تعابير النيابة رافضاً تدوينها معتبراً اياها حكماً مسبقاً.
في لبنان، بلدي الحبيب، كما في معظم الدول العربية، لرئيس المحكمة الحق بتنظيم الجلسات بقوة القانون، فالتصفيق غير محبّب، لكن يصعب ضبطه، إذ غالباً ما تشهد قاعات محاكم الجنايات تصفيقاً عند المرافعات، ينتهي بصوت ضرب مطرقة القاضي الخشبية، وكأنّ شيئا لم يكن.
في شهر مايو المنصرم، شهدت المحكمة العسكرية في #بيروت جلسة محاكمة #استثنائية . عميد متقاعد في الجيش تاريخه حافل بالانجازات العسكرية، بات ناشطاً سياسياً معارضاً، ادعت عليه #النيابة_العامة واحالته للمحاكمة بجرم ارتداء ثياب شبه عسكرية اثناء الاحتجاجات والانتفاضة الشعبية الاخيرة في لبنان، ليحاكم امام المحكمة العسكرية.
المفاجأة الكبرى وبعد مرافعة النيابة والدفاع، قدّم #القاضي العميد #رئيس_المحكمة العسكرية مرافعة شفهية ومكتوبة دافع بها عن المدعى عليه ووجه انتقادات لاذعة لاتهامات النيابة
وختم بالقول قبل اعلان #وقف_التعقبات عن المدعى عليه لعدم توافر العناصر الجرمية " احالتك النيابة العامة امامنا لكنها لا تعرف انك في قلوبنا"
تصفيق حار وهتافات و زلاغيط لم تشهد لها المحكمة العسكرية مثيلاً.
بالعودة الى محاكمة رئيس جمهورية #موريتانيا السابق #محمد_ولد_عبدالعزيز والتصفيق في المحكمة كتعبير عن إثناء عمّا يدلى به لصالحه والمشمولين معه؛ نبّه رئيس المحكمة الجنائية المختصة بجرائم الفساد القاضي #عمار_الامين المحترم الحضور أكثر من مرّة من الهتافات ووجوب التمنّع عن التصفيق، وأوقف الجلسة للاستراحة بعدها مرّة، ونبّه بإخراج المخالفين مرّات. إنّ ما سبق حقّ مكرّس لرئيس المحكمة قانوناً بادارة الجلسة نفهمه ونعرف انه من المستحيل أن يتوقف التصفيق او اي شكل من اشكال التعبير في محاكمة شخصيات ورموز سياسية على الرغم من كل الاجراءات، وهذا ما يحصل في كل دول العالم. نعرف أنّ مهمّة ضبط جلسات هذه المحاكمة صعبة للغاية، ونعترف ان الرئيس الامين يديرها بحرفية على الرغم من بعض الاعتراضات من كلّ حدب وصوب، ولكنّي على الصعيد الشخصي، ولو قُدّر لي إبداء الرأي، واعرف ان التصفيق من الميلين، لكنت أفضّل ألا يتم إخراج أي أحد من القاعة أو بأبعد تقدير، إخراج سيدة ورجل، لا سيدتين، ولو أنّ #المرأة في الحياة أخطر من #الرجل....!!!!!
#سندريللا_مرهج. #مع_التمييز .!!!!!