حكومة ما قبل الانقلاب الوشيك

جمعة, 07/07/2023 - 00:12

بناسب: يقال إن الانقلابات سنة عسكرية محمودة عند الشعوب الضاجرة من الاستبداد والفساد ومذمومة لدى الشعوب التي قدر الله لها أن تقطف ثمار الديمقراطية تنمية ورفاها وازدهارا، عندما يقع في موريتانيا انقلاب عسكرى فإن العامة بإيعاز من الخاصة يخرجون مهللين بالنصر والخلاص من رأس النظام المخلوع لا جسمه العليل، عكس ما حدث مثلا عندما وقعت أول نسخة انقلابية تركية فاشلة في القرن الواحد والعشرين فقد خرج الشعب التركي للتصدى للانقلابيين فواجه فوهات المدافع وأوقف زحف الدبابات وانتصرت إرادة الشعب فلا الجيش استطاع انتزاع السلطة ولا الرئيس استطاع حماية نظامه.
إننا نتحدث عن موريتانيا البلد الذي يتعدى فيه طموح الجنرالات أداء الواجب العسكري المهني نحو تصدر المشهد السياسي، فيصيرون إلى ما آل إليه حال "عيشه رخمه" بالتالي هي بلد محكوم عليه بأن يجرب بعد كل فشل سياسي إنقلابا عسكريا، لكن هذه المرة وعلى عكس سابقاتها فإن العسكر الممسكون بخيوط اللعبة سيشرعون عما قريب في تحريك البيادق المدنية عن بعد مستخدمين إياها في تنفيذ انقلاب مدني صرف كان إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة إشارة البدء في تنفيذه فهي حكومة محاصصة بين أقطاب الصراع المحتدم والذي ستكون نهايته الحتمية انقلابا مازلزلا فإما أن ينجح الجنرالات الصاعدون في قيادة الكوماندوز المدني المتعدد الخلفيات الايديولوجية المحيط بولد الغزواني للاطاحة بما تبقى من جنرالات الجيلين الأول والثاني الموجودين في الخدمة بإخراجهم من دائرة النفوذ وإجبارهم على التقاعد المتأخر تمهيدا للعبور نحو المأمورية الثانية لولد الغزواني التي سيعلنون دعمهم ترشحه لها فور مغادرة رفاقه بالأمس دوائر السلطة البراقة ليحلوا هم محلهم مرسخين نفوذهم في المشهد، أو ينجح الطرف الآخر في تحقيق هدفه الأسمى وهو التمديد في ظل أزمات خانقة بعضها عابر وبعضها مفتعل لإرباك النظام المرتبك هؤلاء يريدون فقط الاستمرارية في مناصبهم في ظل تطبيع التعايش مع الأزمات والخصوم وليس لديهم طموح للسلطة أما الطرف الثالث الجناح المدني بقيادة وزير الدفاع فيدعم فكرة عدم التمديد للجنرالات النافذين المتمرسين بالعمل السياسي قبل العسكري ويعول على تكثيف جهوده السياسية وحملاته الإعلامية لإقناع ولد الغزواني بأن الإنطباع العام يذهب في اتجاه حثه على الاكتفاء بمأمورية واحدة وترشيح وزير الدفاع لخلافته وتلك فرصة ولد سيدي الوحيدة للظفر بالكرسي ففي حال حصل ولد الغزواني على مأمورية جديدة فإنه وبعد أن يستتب له الأمر لا محالة مستغنن عن خدماته حتى لا أقول صداقته فقد فعلها مع أخٍ وصديقٍ قبله هو الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز.
في محاولته لفك رموز الانقلاب الذي يستهدف مأموريته الثانية من الذين لا يريدون لها أصلا أن تكون أي جماعة وزير الدفاع أو الجماعة الصاعدة الطامحة إلى الثراء والترف والنفوذ وتلك الساعية إلى دوام الحال على ما هو عليه ولو بتمديد أقصاه سنتين قد يلجأ ولد الغزواني لحيلة التخلص التدريجي بإيهام وزير الدفاع بأهميته القصوى إلى جانبه وعدم التمديد للجنرالات الموشكين على التقاعد في انتظار الوقت المناسب للاستفراد بالوزير الذي يرشح نفسه لخلافته ويطرحه تجربته ومساره كبديل مقبول داخليا وخارجيا وإقالته في أول تعديل قادم، مع وجود احتمال أقل ترجيحا وهو أن يمدد للمتقاعدين ويتخلص من الجميع بعد أن يضمن العودة للقصر بعد انتخابات 2024 والسيناريو الأخير محفوف بالكثير من المخاطر.
هذه الصراعات الطافي منها على السطح والخفي يقف وراءها ويغذيها شخص وزير الداخلية الذي ينصب نفسه رئيسا تنفيذيا للنظام ووريثا شرعيا للحكم وامتدادا للغظفية الإخوانية.
خونه ولد إسلمو