غزواني ورابع خطوة إلى الوراء
بإعلان النظام الموريتاني عن تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة الوزير الأول السابق، يتراجع الرئيس الموريتاني محمد الشيخ الغزواني عن مسار التغيير والإصلاح الذي كان متوقعا ومطلوبا منه منذ ظهوره في المشهد السياسي كمرشح ثم كمنتخب وحتى وهو الآن رئيس على بعد سنة من انتهاء ولايته الأولى
إنها خطوة إلى الوراء بكل معنى الكلمة، وبكل فجاجة، كذالك نصف بها واقع الحكومة الجديدة الرابعة في عهد صاحب الفخامة، والتي تأتي بعد الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية الأخيرة. نعم نصفها بكل بساطة ووضوح، لأننا نرغب في أن نستمر في تسمية الأشياء بما هي عليه، فقد كنا ولا زلنا، بل وزادتنا الأيام قناعة على قناعتنا، أنه لا شيء أضاع على هذه البلاد فرص التنمية والتغيير أكثر من التسامح مع الفشل والتغاضي عن تسمية المسؤول عنه. تلك هي العادة التي ظلت تحكم منطقنا في التعامل مع الأحداث والشخصيات بمقاييس مغايرة لما تستحقه من سياسات و من قرارات موضوعية ، كان لابد من اتخاذها لتحقق، ولو جزءًا يسيرًا مما يفترض أن يتحقق.
إن إعادة التثبيت والثقة في الوزير الأول المستمر محمد ولد بلال ولد مسعود هو خطأ متكرر يقع فيه صاحب الفخامة، رغم أنه يدرك أنه خطأ، ورغم أنه يعلم أكثر من أي شخص آخر أن نتائج هذا الخيار ستظل سلبية وصفرية. لكن ما لا يدركه بعض المواطنين، ويجب أن يُلاحظ منذ الآن، هو أن صاحب الفخامة يُجبر على اتخاذ مثل هذه القرارات المضللة والفاسدة، وسيستمر في اتخاذها رغمًا عنه، لأسباب كثيرة نختار من بينها لذكره في تذه السكور غياب رؤية استراتيجية للحكم تُبرز بصمته الخاصة. ففي ظل غياب هذه الرؤية، أصبح صاحب الفخامة رهينة لوضع لن يستمر في حال غيابه كحاكم وكرئيس، ما لم تكن خطواته، كما هي الآن، خطوات يتخذها بوعيه وبإرادته نحو الوراء: أملا في أن لا يتغير شيء. ومع ذلك، فإن دلالات ما يجري لا تخفى على عين المراقب الحر، والتي ترى بوضوح أن هذه القرارات تُتخذ دائمًا لأجل أهداف واضحة المعالم لصاحب الفخامة. أهداف يبدو أنها تتحقق منذ اكتشاف صاحب الفخامة للسيد الوزير الأول الثالث على التوالي والرابع في حكومات صاحب الفخامة. وربما الخامس والذي لا يستبعد أن يكون السادس والسابع. وإذا لم يكن هو ذاته، فتذكروا هذا الكلام جيدًا، وتذكروا أبرز صفات صاحب المعالي جيدًا. فمن سيأتي بعده لن يكون إلا على شاكلته وحاملاً لأهم هذه الصفات، وهي أن لا يبرز من بين الجموع، ولا يسمع له صوت وسط الضجة. أو باختصار: إذا غاب لا يسأل عنه، وإذا حضر لا ينتبه له. وكأنه مصباح يضيء شارعًا في يوم مشمس. أو قل عين مجرد عين، يجب أن تظل رغم أهميتها حيث هي، من غير الممكن أن تعلو على الحاجب.
هذا هو واقعنا المؤلم وهذا دليل جديد على استمرار الفساد والجمود في أداء البلد خلال المستقبل المرتقب على الأقل في عهد هذه الحكومات المتتالية التي تغدر بأبناء الوطن.
ولكن رغم كل ذلك فهناك أمل دائما وهذه المرة يأتي من تلك الفئة المتزايدة من المثقفين والمهتمين بالشأن العام الذين أصبحوا أكثر وعيا بفضل هذه القرارات التي أظهرت عدم جدوى التوقعات من من لم يبرهن على قدرته على إحداث التغيير
كما فعل البعض حين ابتهجوا بتشكيل أول حكومات صاحب الفخامة من نفس الوجوه القديمة التي منحها تفويضا مطلقا حين قال لأعضائها أن لا يستأذنوه في أي قرار وهو ما أثار تساؤلات كبيرة تجاهلها الجميع وكأنهم رضخوا لتوزيع المناصب وفق ما يضمن استمرارية النظام وانتفاع المسؤولين فقط ولسان حالهم
كل تعيين وصاحب الفخامة والمعالي بخير
أما المواطن والوطن فحظهما الفساد إلى أن يأتي يوم يستفيق فيه أحد أحفاد جدنا الأمير الصنهاجي إبراهيم الكدالي ليحمل هم الأرض وسكانها ويؤمن بمشروع موحد للتغيير مشروع يحافظ على المكتسبات ويخرج الموريتاني من قفصه لكي لا يظل مقال أحوالنا ((يَلْعَكْلَ كَنْتِ مَالْحَ وَمْقَرْدِ مَاكْ أَوْمَالَحْ وَالْيُومْ أَصْبَحْتِ مَالْحَة وَأمْقَرْدِ مَاكْ أَوْ مَالَحْ))
من ص/ makkal makkal