بنشاب : هنيئا وألف ألف مبروك لأخي وصديقي معالي وزير الخارجية الأسبق السيد أحمد ولد تكدي، على نشر مذكراته تحت عنوان "نظرة على 34 سنة من الدبلوماسية الموريتانية" الصادر اليوم عن دار النشر الباريسية "لارمتان". وشكرا له على تشريفي بسبق الإعلان عن إصدار هذا الكتاب الذي يتضمن شهادة موثقة لدبلوماسي محترف خدم وطنه وبلاده في الفترة ما بين 1981-2015 بكل صدق ومهنية وتفان، متمثلا مثلا صوفيا "servir sans se servir" يعبر عن نكران الذات لدى "من يخدم الآخرين دون أن يخدم نفسه" ..
يقع الكتاب في حوالي مائتي صفحة من القطع المتوسط، وهو يتضمن مقدمة كتبها صديق المؤلف السيد ميكل آنجل موراتينوس، وزير الخارجية الإسباني الأسبق، الذي عمل زميلا له أيام كان سفيرا في تل آبيب؛ كما تضمن مدخل الكتاب تمهيدا، بقلم الشيخ سيد أحمد ولد بابمين، وزير الخارجية الموريتاني السابق وهو صديق للمؤلف.
ويختم الكتاب بتقريظين كتب أحدهما الجنرال السينغالي بابكار كاي، المستشار العسكري السابق للأمين العام للأمم المتحدة، وكتب الثاني العقيد الفرنسي "بير دي جونغ" نائب رئيس معهد الدراسات الإستراتيجية "تاميس Themiis" في باريس. وقد عايش الرجلان المؤلف عندما كان ممثلا دائما لموريتانيا لدى الأمم المتحدة ثم وزيرا للخارجية، وقد عملا معه على ملف إدخال وتهيئة القوات المسلحة الموريتانية إلى المشاركة في قوات حفظ السلام الدولية المعروفة بالقبعات الزرقاء، وهو ملف تعود الريادة فيه لصاحب المذكرات كما يتضح ذلك من شهادات الجميع..
أما متن الكتاب فقد ضم خمسة فصول وخاتمة وثلاث ملحقات.
الكتاب في مجمله شهادة على العصر الدبلوماسي الموريتاني والإقليمي والدولي الراهن.. وهو يتطرق إلى العديد من القضايا والمواضيع بأسلوب موضوعي نبيل.. الكتاب مشوق نظرا لكثافة الأحداث وجسامتها وعمق تأثيراتها (غزو الكويت، حرب الخليج الأولى، العلاقات مع إسرائيل، إلخ)، لكنه مرح بل ومضحك في بعض الأحيان خاصة من خلال النكت العفوية الكثيرة التي يتضمنها..
ولعل أبرز ما يلفت النظر في هذا الكتاب هو تلك القراءة الجديدة، المتسقة والموثقة لقصة وخبايا العلاقات بين موريتانيا وإسرائيل، أسبابها، قيامها، تطورها، ونهايتها.. وهي سردية غير مطورقة تتناول تفسيرا جديدا لموضوع طالما اعتبر حساسا لدى الرأي العام الوطني وفي أوساط النخب الموريتانية.. وقد اجتهد المؤلف في تبيان وشرح حيثيات تلك العلاقة وأسسها ومفعولاتها بكل قوة وقدرة على الإقناع..
إنها قراءة لمرحلة مهمة من التاريخ الدبلوماسي لموريتانبت تتجاوز الأفكار المسبقة لتصوغ تفسيرًا مؤصلا لموضوع لطالما اعتبره الرأي العام الوطني وكذا النخب الموريتانية شديد الحساسية بل مشتعلًا. وفوق أديم هذا الحقل الملغوم، سعى المؤلف بذكاء وإقناع لتوضيح الدوافع الحقيقية التي أملت في تلك الحقبة، تلك "العلاقة" بين موريتانيا وإسرائيل، والتي ظلت دائمًا غامضة في نظر الكثير من الموريتانيين.
أحمد ولد تكدي أو "دبلوماسي الصحراء" كما يسميه موراتينوس في مقدمة الكتاب، هو من مواليد شنقيط سنة 1954، اشتغل حصريا في الحقل الدبلوماسي بعد تخرجه من قسم الإقتصاد والسيبرنطيقا بأكاديمية بوخارست في رومانيا. عمل دبلوماسيا، ومستشارا في واشنطن، والقاهرة، وصنعاء، والرباط، ثم سفيرا في تل آبيب، ونيويورك، ثم عين وزيرا للخارجية سنة 2013. وتقاعد سنة 2015.
بطبيعة الحال، هذه المذكرات صدرت بنسختها الفرنسية لكن ترجمتها إلى العربية قيد الإنجاز..
ومن المتوقع أن يتم توزيع النسخة الفرنسية من الكتاب عبر العالم من قبل دار النشر L'Harmattan. أما في موريتانيا ، سيتم التوزيع بالتأكيد على مستوى مؤسسة لارماتان-موريتانيا، فضاء محمد الأمين ولد الكتاب للكتاب الفرانكوفوني، رقم 472 شارع قصر المؤتمرات القديم، ص.ب. 316 أنواكشوط..
محمد السالك ولد إبراهيم