بنشاب: بمناسبة العيد الدولي للمرأة ننشر المقالة التالية للأستاذ/ المرتضى ولد محمد اشفاق... وكسرا للروتين نترك لكم التعليق:
ما زلت أذكر وأنا أستاذ حدث في إعدادية البنين شيوع حادثة طريفة - لا أثبتها ولا أنفيها - تقول إن سيدة تحولت إلى مقر عمل زوجها تطبيقا لقرار لم الشمل في مدينة نائية جدا، وافتقد الزوج في لحظة غضب، أو(دَفْرَةٍ) بعض إنسانيته، فطلقها، ووجدت نفسها معزولة لأنها لا تعرف في المدينة سواه، فاتصلت بالإدارة المعنية لشرح وضعيتها الجديدة، ولتطلب تحويلها إلى العاصمة، ورغم جفاء المسؤول المعني إلا أنه سها فكان طريفا من حيث لم يشأ، فأجابها أن تحويلها في وسط السنة متعذر للفراغ الذي سيحدثه، ولانعدام بديل يعوضها، لكنهم (سَيُصَرِّبُونَ) لزوجها السابق ليرتجعها حتى نهاية السنة عسى أن يجدوا حلا لمشكلتها أثناء عطلة الخريف…
ظاهرة تسمية النساء في المناصب السامية قديمة، عرفتها بلادنا مع جيل التأسيس…سميت المرأة وزيرة في عهد المرحوم المختار ولد داداه، ومن بعده من الرؤساء باستثناء محمد خون ولد هيداله…وتمددت خريطة تعيينها فأصبحت والية، وسفيرة، وحاكمة، وهذه الوظائف تتطلب تنقل المرأة من ولاية إلى أخرى وأحيانا إلى دولة بعيدة.
خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتفقد أحوال رعيته بليل فسمع امرأة من وراء الباب تقول:
تطاول هذا الليل واخضل جانبُهْ وأرَّقني أن لا ضجيع ألاعبهْ
ألاعبه طورا وطورا كأنما بدا قمرا في ظلمة الليل حاجبه
فوالله لولا الله تخشى عواقبه لحُرِّك من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي والحياء يصدني وأكرم بَعْلِي أن تُنال مراكبُه
فسمع عمر حكايتها، وما زال يدق الباب، وهي تتمنع وتهدده برفع أمره إلى أمير المؤمنين حتى عرفته وفتحت، فسألها عن زوجها فأخبرته أنه في جيش الجهاد…
ذهب عمر إلى بنته حفصة وسألها كم تصبر المرأة عن زوجها، فاستحيت، لكنه استنطقها وأمرها أن تصدقه، فقالت، تصبر شهرا وشهرين، وفي الرابع ينفد صبرها، فأرسل عمر إلى قائده بتسريح الرجل، وجعل ذلك أجلا لا يتجاوزه الجند عن أزواجهم…أثارت هذه الحادثة عدة أسئلة منها:- هل يُستأذن الزوج في تسمية زوجه في منصب يقتضي أن يتفرقا فيه، حتى لا يدخل ذلك في باب ما أخذ بعض الناس من سحر هاروت وماروت، (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه؟) مع وجود الفارق…
– إذا استؤذن الزوج وقَبِل هل تطبق الدولة مرسوم عمر بن الخطاب بألا تتجاوز مدة البعاد أربعة أشهر؟ وهل تبوب الدولة في ميزانيات الصرف على نقل الزوج إلى زوجه السفيرة مثلا، إذا تعذر حضورها لضرورة عمل ملحة؟- هل يدخل قبول الزوج لتسمية زوجته، وخروجها في ما قدرت عليه من الزينة -ولن تبخل على نفسها في المابلغة في التجمل- لتجلس وجها لوجه مع زملائها الرجال، وزراء أو غيرهم، هل يدخل هذا في باب الدياثة الملعون صاحبها، والتي لا يتصف بها من الذكور إلا الخنزير؟ ومن المطلوب شرعا أن لا تبدي المرأة زينتها إلا في حدود ما بينه الله في كتابه، وأن تخرج في ثياب عادية لا تأنق فيها ولا رائحة طيب- والطيب صفة لا ذات-للمرأة زينتان، أولاهما لا دخل لها فيه كقامتها، وحوَرها وغير ذلك من الصفات البدنية الخلقية، الثانية مكتبسة كالعطر والعقد والقلادة والقرط والسوار، وتلوين شعر الرأس..إلخ، وكل هذه الأشياء لا تكون إلا في مواضع من جسمها يحرم عليها إظهارها لغير زوجها،فما حاجتها إلى السوار والقلادة والقرط؟ هل ستتكشف ليرى الناس أن حليها من ذهب وماس وفي ذلك وعيد من الله شديد..أم تتورع وتكتفي بالقول أيها الناس اسمعوا وعوا إن في جيدي قلادة من لؤلؤ، وفي أذني قرطا من ذهب، وفي رأسي مساحات وردية….؟..
ولو أن في المرأة عيبا كبرص ونحوه في رقبتها، أو ساقها، أو ذراعها لشمرت عليها اللباس تشميرا حتى لا يبدو منها ما تكره أن يُرى، فكيف تكفر بنعمة الله إن نجاها مما تخاف وتحذر فلا تمتثل أمره بالستر والطاعة؟؟
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته فاطمة فرأى في جيدها قلادة، وقيل في رسغها سوارا فأعرض عنها فناولته إياه ليتصدق به فرضي واحتضنها… وذكر أن عليا بن أبي طالب أخبر فاطمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن أي شيء خير للنساء فقالت لا يرين رجلا ولا يراهن رجل، فلما أخبر علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتها قال إنما فاطمة بضعة مني..-
لم يبعث الله المرأة رسولة إلى أمة- ولو شاء لفعل ومنحها من العصمة ما يلائم رسالتها- لكن نواميس الكون ومشيئة الله في خلقه قضت أنها غير مؤهلة لذلك بحكم طبيعتها، وتكوينها النفسي والجسمي، فقد تدفعها رقة الطبع إلى المحاباة، والزلل، وقد تنسى فتكذب وتحرف لعدم ضبطها، وقد ترق وترحم في لحظةٍ الشدة فيها مطلوبة، إلى غير ذلك من الأمور التي لا تلائم حمل رسالة وتبليغها للناس..
وليس هذا انتقاصا من شأنها بل قدر الله الذي جعلها تحيض، وتحمل وترضع..ولا عار على المخلوق في ما شاء الله له مما ليس له فيه حول ولا قوة..رأى بعض الصحابة ومنهم أمير المؤمنين عمر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذهاب المرأة إلى المسجد ليلا غير مأمون، وحجتهم أن الوحي انقطع، وكان الناس يخشونه أن يفضحهم، اختبأ الزبير بن العوام في طريق زوجته حين خرجت عشاء للصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاوزته ختلها حتى ضربها على الكفل وهرب، فولت تعدو إلى بيتها فزعة مذعورة، ولما عاد الزبير من الصلاة قالت له إن المدينة دخلها قوم بلا أخلاق، وإنها لم تعد مأمونة على النساء، وحكت له القصة ولم تخرج بعد ذلك ليلا إلى المسجد…
ثم كمنَ عمر بعد أن حاجه بعض الصحابة بالحديث(لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)، للنساء في بعض طرقات المسجد وأحدث صوتا فزعن منه، ولم يجسرن بعد ذلك على الصلاة في المسجد… يتخذ الصحابة هذه الاجراءات الاحترازية في مدينة رسول الله صلى الله عليه، وفي نساء عشن حول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام توقيا للفتنة…ولجهلنا بمقاصد الشرع ما زالت النساء اليوم يقعدن عن الصلاة في المساجد، ويذهبن إلى الأسواق والمهرجانات ودور الحفلات…